أنهم سيصيبهم ما أصاب الأنبياء والمؤمنين بهم من الشدة والمحنة التي تزلزل القلوب وتدهش النفوس فلما رأوا الأحزاب أيقنوا أنه من الوعد الموعود وأن الله سينصرهم على عدوهم.
والحق هو الجمع بين الوجهين نظرا إلى جمعهم بين الله ورسوله في الوعد إذ قالوا:
هذا ما وعدنا الله ورسوله.
وقوله: (وصدق الله ورسوله) شهادة منهم على صدق الوعد، وقوله: (وما زادهم الا ايمانا وتسليما) أي ايمانا بالله ورسوله وتسليما لأمر الله بنصرة دينه والجهاد في سبيله.
قوله تعالى: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)، قال الراغب: النحب النذر المحكوم بوجوبه، يقال: قضى فلان نحبه أي وفى بنذره قال تعالى: (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر)، ويعبر بذلك عمن مات كقولهم: قضى أجله واستوفى أكله وقضى من الدنيا حاجته. انتهى.
وقوله: (صدقوا ما عاهدوا الله عليه) أي حققوا صدقهم فيما عاهدوه أن لا يفروا إذا لاقوا العدو، ويشهد على أن المراد بالعهد ذلك أن في الآية محاذاة لقوله السابق في المنافقين والضعفاء الايمان: (ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الادبار) كما أن في الآية السابقة محاذاة لما ذكر سابقا من ارتياب القوم وعدم تسليمهم لأمر الله.
وقوله: (فمنهم من قضى نحبه) الخ، أي منهم من قضى أجله بموت أو قتل في سبيل الله ومنهم من ينتظر ذلك وما بدلوا شيئا مما كانوا عليه من قول أو عهد تبديلا.
قوله تعالى: (ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين ان شاء أو يتوب عليهم ان الله كان غفورا رحيما) اللام للغاية وما تتضمنه الآية غاية لجميع من تقدم ذكرهم من المنافقين والمؤمنين.
فقوله: (ليجزى الله الصادقين بصدقهم) المراد بالصادقين المؤمنين وقد ذكر صدقهم قبل، والباء في (بصدقهم) للسببية أي ليجزى المؤمنين الذين صدقوا عهدهم بسبب صدقهم.