تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٩٢
حديث الخندق أن نفرا من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق وحيى بن أخطب في جماعة من بنى النضير الذين أجلاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرجوا حتى قدموا على قريش بمكة فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقالوا: انا سنكون معكم عليهم حتى نستأصلهم.
فقالت لهم قريش: يا معشر اليهود انكم أهل الكتاب الأول فديننا خير أم دين محمد؟ قالوا: بل دينكم خير من دينه فأنتم أولى بالحق منه فهم الذين أنزل الله فيهم (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا - إلى قوله - وكفى بجهنم سعيرا) فسر قريشا ما قالوا ونشطوا لما دعوهم إليه فأجمعوا لذلك واتعدوا له.
ثم خرج أولئك النفر من اليهود حتى جاؤوا غطفان فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخبروهم أنهم سيكونون عليه وأن قريشا قد بايعوهم على ذلك فأجابوهم.
فخرجت قريش وقائدهم أبو سفيان بن حرب، وخرجت غطفان وقائدها عيينة ابن حصين بن حذيفة بن بدر في فزارة والحارث بن عوف في بنى مرة ومسعر بن جبلة الأشجعي فيمن تابعه من الأشجع وكتبوا إلى حلفائهم من بنى أسد فأقبل طليحة فيمن اتبعه من بنى أسد وهما حليفان أسد وغطفان وكتب قريش إلى رجال من بنى سليم فأقبل أبو الأعور السلمي فيمن اتبعه من بنى سليم مددا لقريش.
فلما علم بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضرب الخندق على المدينة وكان الذي أشار إليه سلمان الفارسي وكان أول مشهد شهده سلمان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يومئذ حر قال:
يا رسول الله انا كنا بفارس إذا حوصرنا خندقنا علينا فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون حتى أحكموه.
فمما ظهر من دلائل النبوة في حفر الخندق ما رواه أبو عبد الله الحافظ باسناده عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني قال: حدثني أبي عن أبيه قال: خط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخندق عام الأحزاب أربعين ذراعا بين عشرة فاختلف المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي وكان رجلا قويا فقال الأنصار: سلمان منا، وقال المهاجرون: سلمان منا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سلمان منا أهل البيت.
قال عمرو بن عوف: فكنت أنا وسلمان وحذيفة بن اليمان والنعمان بن مقرن
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست