وخرج عدو الله حيى بن أخطب النضيري حتى أتى كعب بن أسد القرظي صاحب بني قريظة وكان قد وادع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على قومه وعاهده على ذلك فلما سمع كعب صوت ابن أخطب أغلق دونه حصنه. فاستأذن عليه فأبى أن يفتح له فناداه يا كعب افتح لي فقال: ويحك يا حيى انك رجل مشؤم، انى قد عاهدت محمدا ولست بناقض ما بيني وبينه، ولم أر منه الا وفاء وصدقا. قال: ويحك افتح لي حتى أكلمك. قال: ما أنا بفاعل. قال: ان أغلقت دوني الا على جشيشة تكره أن آكل منها معك.
فاحفظ (1) الرجل ففتح له فقال: ويحك يا كعب جئتك بعز الدهر وببحر طام (2) جئتك بقريش على قادتها وسادتها وبغطفان على سادتها وقادتها قد عاهدوني أن لا يبرحوا حتى يستأصلوا محمدا ومن معه. فقال كعب: جئتني والله بذل الدهر بجهام (3) قد اهراق ماءه يرعد ويبرق وليس فيه شئ فدعني ومحمدا وما أنا عليه فلم أر من محمد الا صدقا ووفاء.
فلم يزل حيى بكعب يفتل منه في الذروة (4) والغارب حتى سمح له على أن أعطاه عهدا وميثاقا لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدا أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك فنقض كعب عهده وبرئ مما كان عليه فيما بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما انتهى الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس أحد بنى عبد الأشهل وهو يومئذ سيد الأوس وسعد بن عبادة أحد بنى ساعدة ابن كعب بن الخزرج وهو يومئذ سيد الخزرج ومعهما عبد الله بن رواحة وخوات ابن جبير فقال: انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا؟ فان