تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٩٤
أهيل فقلت: ائذن لي يا رسول الله إلى المنزل ففعل فقلت للمرأة هل عندك من شئ؟
فقالت: عندي صاع من شعير وعناق (1) فطحنت الشعير فعجنته وذبحت العناق وسلختها وخليت بين المرأة وبين ذلك.
ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجلست عنده ساعة ثم قلت: ائذن لي يا رسول الله ففعل فأتيت المرأة فإذا العجين واللحم قد أمكنا فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت:
ان عندنا طعيما لنا فقم يا رسول الله أنت ورجلان من أصحابك فقال: وكم هو؟ فقلت:
صاع من شعير وعناق فقال للمسلمين جميعا: قوموا إلى جابر فقاموا فلقيت من الحياء ما لا يعلمه الا الله فقلت: جاء بالخلق إلى صاع شعير وعناق.
فدخلت على المرأة وقلت: قد افتضحت جاءك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالخلق أجمعين فقالت: هل كان سألك كم طعامك؟ قلت: نعم. فقالت: الله ورسوله أعلم قد أخبرناه ما عندنا فكشفت عنى غما شديدا.
فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: خذي ودعيني من اللحم فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يثرد ويفرق اللحم ثم يحم هذا ويحم هذا فما زال يقرب إلى الناس حتى شبعوا أجمعين ويعود التنور والقدر أملا ما كانا.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كلي واهدى فلم نزل نأكل ونهدى قومنا أجمع أورده البخاري في الصحيح.
قالوا: ولما فرغ رسول الله من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بين الجرف (2) والغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تابعهم من بنى كنانة وأهل تهامة، وأقبلت غطفان ومن تابعهم من أهل نجد حتى نزلوا إلى جانب أحد، وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع (3) في ثلاثة آلاف من المسلمين فضرب هناك عسكره والخندق بينه وبين القوم وأمر بالذراري والنساء فرفعوا في الآطام (4).

(1) الأنثى من أولاد المعز.
(2) مكان خارج المدينة.
(3) جبل بالمدينة.
(4) حصون لأهل المدينة.
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»
الفهرست