طلبها منهم، والتلبث التأخر.
والمعنى: ولو دخل جنود المشركين بيوتهم من جوانبها وهم فيها ثم طلبوا منهم أن يرتدوا عن الدين لأعطوهم مسؤلهم وما تأخروا بالردة الا يسيرا من الزمان بمقدار الطلب والسؤال أي انهم يقيمون على الدين ما دام الرخاء فإذا هجمت عليهم الشدة والبأس لم يلبثوا دون أن يرجعوا.
قوله تعالى: (ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الادبار وكان عهد الله مسؤلا) اللام للقسم، وقوله: (لا يولون الادبار) أي لا يفرون عن القتال وهو بيان للعهد ولعل المراد بعهدهم من قبل هو بيعتهم بالايمان بالله ورسوله وما جاء به رسوله ومما جاء به: الجهاد الذي يحرم الفرار فيه ومعنى الآية ظاهر.
قوله تعالى: (قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون الا قليلا) إذ لا بد لكل نفس من الموت لأجل مقضي محتوم لا يتأخر عنه ساعة ولا يتقدم عليه فالفرار لا يؤثر في تأخير الاجل شيئا.
وقوله: (وإذا لا تمتعون الا قليلا) أي وان نفعكم الفرار فمتعتم بتأخر الاجل فرضا لا يكون ذلك التمتيع الا تمتيعا قليلا أو في زمان قليل لكونه مقطوع الاخر لا محالة.
قوله تعالى: (قل من ذا الذي يعصمكم من الله ان أراد بكم سوء أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا) كانت الآية السابقة تنبيها لهم على أن حياة الانسان مقضى مؤجل لا ينفع معه فرار من الزحف وفى هذه الآية تنبيه على أن الشر والخير تابعان لإرادة الله محضا لا يمنع عن نفوذها سبب من الأسباب ولا يعصم الانسان منها أحد فالحزم ايكال الامر إلى ارادته تعالى والقرار على أمره بالتوكل عليه.
ولما كانت قلوبهم مرضى أو مشغولة بكفر مستبطن عدل عن أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتكليمهم إلى تكليم نفسه فقال: (ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا).
قوله تعالى: (قد يعلم الله المعوقين منكم - إلى قوله - يسيرا) التعويق التثبيط والصرف، وهلم اسم فعل بمعنى أقبل، ولا يثنى ولا يجمع في لغة الحجاز، والبأس الشدة والحرب، وأشحة جمع شحيح بمعنى البخيل، والذي يغشى عليه هو الذي أخذته