قال: نبايع هذا الرجل ونصدقه فوالله لقد تبين لكم أنه نبي مرسل وأنه الذي تجدونه في كتابكم فتأمنوا على دمائكم وأموالكم ونسائكم. قالوا: لا نفارق حكم التوراة أبدا، ولا نستبدل به غيره.
قال: فإذا أبيتم على هذا فهلموا فلنقتل أبناءنا ونساءنا ثم نخرج إلى محمد رجالا مصلتين بالسيوف ولم نترك وراءنا ثقلا يهمنا حتى يحكم الله بيننا وبين محمد فان نهلك نهلك ولم نترك وراءنا نسلا يهمنا وان نظهر لنجدن النساء والأبناء. فقالوا: نقتل هؤلاء المساكين؟ فما خير في العيش بعدهم.
قال: فان أبيتم على هذه فان الليلة ليلة السبت وعسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنوا فيها فانزلوا فعلنا نصيب منهم غرة فقالوا: نفسد سبتنا؟ ونحدث فيه ما أحدث من كان قبلنا فأصابهم ما قد علمت من المسخ؟ فقال: ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازما.
قال الزهري: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين سألوه أن يحكم فيهم رجلا:
اختاروا من شئتم من أصحابي، فاختاروا سعد بن معاذ فرضي بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فنزلوا على حكم سعد بن معاذ فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسلاحهم فجعل في قبته وأمر بهم فكتفوا وأوثقوا وجعلوا في دار أسامة، وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى سعد بن معاذ فجئ به فحكم فيهم بأن يقتل مقاتلوهم وتسبى ذراريهم ونساؤهم وتغنم أموالهم وأن عقارهم للمهاجرين دون الأنصار وقال للأنصار: انكم ذو عقار وليس للمهاجرين عقار، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال لسعد: لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل، وفى بعض الروايات: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة - وأرقعة جمع رقيع اسم سماء الدنيا.
فقتل رسول الله مقاتليهم، وكانوا فيما زعموا ستمائة مقاتل، وقيل: قتل منهم أربعمائة وخمسين رجلا وسبى سبعمائة وخمسين، وروى أنهم قالوا لكعب بن أسد وهم يذهب بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ارسالا: يا كعب ما ترى يصنع بنا؟ فقال كعب:
أفي كل موطن تقولون؟ ألا ترون أن الداعي لا ينزع ومن يذهب منكم لا يرجع هو والله القتل.