آباءنا) الخ، ضمائر الجمع راجعة إلى (من) باعتبار المعنى كما أن ضمير الافراد في الآية السابقة راجع إليه باعتبار اللفظ.
وقوله: (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله) في التعبير بما أنزل الله من غير أن يقال: اتبعوا الكتاب أو القرآن إشارة إلى كون الدعوة دعوة ذات حجة لا تحكم فيها لان نزول الكتاب مؤيد بحجة النبوة فكأنه قيل: وإذا دعوا إلى دين التوحيد الذي يدل عليه الكتاب المقطوع بنزوله من عند الله سبحانه، وبعبارة أخرى إذا ألقى إليهم القول مع الحجة قابلوه بالتحكم من غير حجة فقالوا نتبع ما وجدنا عليه آباءنا.
وقوله: (أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير) أي أيتبعون آباءهم ولو كان الشيطان يدعوهم بهذا الاتباع إلى عذاب السعير؟ فالاستفهام للانكار ولو وصلية معطوفة على محذوف مثلها والتقدير أيتبعونهم لو لم يدعهم الشيطان ولو دعاهم.
ومحصل الكلام: أن الاتباع انما يحسن إذا كانوا على الحق وأما لو كانوا على الباطل وكان اتباعا يدعوهم به إلى الشقاء وعذاب السعير وهو كذلك فإنه اتباع في عبادة غير الله ولا معبود غيره.
قوله تعالى: (ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى والى الله عاقبة الأمور) استئناف ويحتمل أن يكون حالا من مفعول (يدعوهم) وفى معنى الجملة الحالية ضمير عائد إليهم، والمعنى: أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى كذا والحال أن من أسلم وجهه إلى الله كذا فقد نجا وأفلح والحال أن عاقبة الأمور ترجع إلى الله فيجب أن يكون هو المعبود.
واسلام الوجه إلى الله تسليمه له وهو اقبال الانسان بكليته عليه بالعبادة واعراضه عمن سواه. والاحسان الاتيان بالاعمال الصالحة عن ايقان بالآخرة كما فسره به في أول السورة (هدى ورحمة للمحسنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون) والعروة الوثقى المستمسك الذي لا انفصام له.
والمعنى: ومن وحد الله وعمل صالحا مع اليقين بالمعاد فهو ناج غير هالك البتة في عاقبة أمره لأنها إلى الله وهو الذي يعده بالنجاة والفلاح.
ومن هنا يظهر أن قوله: (والى الله عاقبة الأمور) في مقام التعليل لقوله: (فقد