تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٢٥
فيما وعظ به لقمان ابنه أن قال: يا بنى: ان تك في شك من الموت فارفع عن نفسك النوم ولن تستطيع ذلك وان كنت في شك من البعث فارفع عن نفسك الانتباه ولن تستطيع ذلك فإنك إذا فكرت في هذا علمت أن نفسك بيد غيرك وانما النوم بمنزلة الموت وانما اليقظة بعد النوم بمنزلة البعث بعد الموت، وقال: قال لقمان لابنه: يا بنى لا تقترب فيكون أبعد لك ولا تبعد فتهان، كل دابة تحب مثلها وابن آدم (1) لا يحب مثله. لا تنشر (2) بزك الا عند باغيه، وكما ليس بين الكبش والذئب خلة كذلك ليس بين البار والفاجر خلة، من يقترب من الزفت تعلق به بعضه كذلك من يشارك الفاجر يتعلم من طرفه، من يحب المراء يشتم، ومن يدخل مدخل السوء يتهم، ومن يقارن قرين السوء لا يسلم، ومن لا يملك لسانه يندم.
وقال: يا بنى صاحب مائة ولا تعاد واحدا، يا بنى انما هو خلاقك وخلقك فخلاقك دينك وخلقك بينك وبين الناس فلا تبغضن إليهم وتعلم محاسن الأخلاق.
يا بنى كن عبدا للأخيار ولا تكن ولدا للأشرار. يا بنى أد الأمانة تسلم دنياك وآخرتك وكن أمينا فان الله لا يحب الخائنين. يا بنى لا تر الناس أنك تخشى الله وقلبك فاجر.
وفى الكافي باسناده عن يحيى بن عقبة الأزدي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان فيما وعظ به لقمان لابنه يا بنى ان الناس قد جمعوا قبلك لأولادهم فلم يبق ما جمعوا ولم يبق من جمعوا له، وانما أنت عبد مستأجر قد أمرت بعمل ووعدت عليه أجرا فأوف عملك واستوف أجرك، ولا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت في زرع أخضر فأكلت حتى سمنت فكان حتفها عند سمنها، ولكن اجعل الدنيا بمنزلة قنطرة على نهر جزت عليها فتركتها ولم ترجع إليها آخر الدهر أخربها ولا تعمرها فإنك لم تؤمر بعمارتها.
واعلم أنك ستسأل غدا إذا وقفت بين يدي الله عز وجل عن أربع: شبابك فيما

(1) أي أن ابن آدم لا يحب أن يكافيه غيره في مزية من المزايا.
(2) أي لا تظهر متاعك الا عند طالبه.
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»
الفهرست