تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٢٦
أبليته، وعمرك فيما أفنيته، ومالك مما اكتسبته وفيما أنفقته، فتأهب لذلك وأعد له جوابا ولا تأس على ما فاتك من الدنيا فان قليل الدنيا لا يدوم بقاؤه وكثيرها لا يؤمن بلاؤه فخذ حذرك، وجد في أمرك، واكشف الغطاء عن وجهك، وتعرض لمعروف ربك، وجدد التوبة في قلبك، واكمش في فراقك قبل أن يقصد قصدك، ويقضى قضاؤك، ويحال بينك وبين ما تريد.
وفى البحار عن القصص باسناده عن حماد عن الصادق عليه السلام قال: قال لقمان:
يا بنى إياك والضجر وسوء الخلق وقلة الصبر فلا يستقيم على هذه الخصال صاحب، والزم نفسك التؤدة (1) في أمورك وصبر على مؤنات الاخوان نفسك، وحسن مع جميع الناس خلقك.
يا بنى ان عدمك ما تصل به قرابتك وتتفضل به على إخوانك فلا يعدمنك حسن الخلق وبسط البشر فان من أحسن خلقه أحبه الأخيار وجانبه الفجار، وأقنع بقسم الله ليصفو عيشك فان أردت أن تجمع عز الدنيا فاقطع طمعك مما في أيدي الناس فإنما بلغ الأنبياء والصديقون ما بلغوا بقطع طمعهم.
أقول: والاخبار في مواعظه كثيرة اكتفينا منها بما أوردناه ايثارا للاختصار.
* * * ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير - 20. وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير - 21. ومن يسلم وجهه إلى الله وهو

(1) التؤدة - بضم التاء كهمزة - السكون والرزانة.
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»
الفهرست