وقوله: (وأن الله بما تعملون خبير) عطف على موضع (أن الله يولج) والتقدير ألم تر أن الله بما تعملون خبير وذلك لان من شاهد نظام الليل والنهار والشمس والقمر لم يكد يغفل عن كون صانعه عليما بجلائل أعماله ودقائقها، كذا قيل.
وفيه أن استنتاج العلم بالاعمال من العلم بالنظام الجاري في الليل والنهار والشمس والقمر وان صح في نفسه فهو علم حدسي لا مصحح لتسميتها رؤية وهو ظاهر.
ولعل المراد من مشاهدة خبرته تعالى بالاعمال أن الانسان لو أمعن في النظام الجاري في أعمال نفسه بما أنها صادرة عن العالم الانساني موزعة من جهة إلى الأعمال الصادرة عن القوى الظاهرة من سمع وبصر وشم وذوق ولمس والصادرة عن القوى الباطنة المدركة أو الفعالة أو من جهة إلى بعض القوى والأدوات أو كلها ومن جهة إلى جاذبة ودافعة ومن جهة إلى سنى العمر من طفولية ورهاق وشباب وشيب إلى غير ذلك.
ثم في ارتباط بعضها ببعض واستخدام بعضها لبعض واهتداء النفس إلى وضع كل في موضعه الذي يليق به وحركته بهذه القافلة من القوى والأعمال نحو غايتها من الكمال وسعادتها في المآل وتورطها في ورطات عالم المادة وموطن الزينة والفتنة فمن ناج أو هالك.
فإذا أمعن في هذا النظام المحير للأحلام لم يرتب أنه تقدير قدره ربه ونظام نظمه صانعه العليم القدير ومشاهدة هذا النظام العلمي العجيب مشاهدة أنه بما يعملون خبير، والله العالم.
قوله تعالى: (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلى الكبير) لما ذكر سبحانه أن منه بدء كل شئ فيستند إليه في وجوده وتدبير أمره وأن إليه عود كل شئ من غير فرق بين الواحد والكثير وأنه ليس إلى من يدعون من دونه خلق ولا أمر، جمع الجميع تحت بيان واحد جامع فقال مشيرا إلى ما تقدم:
(ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل) الخ.
توضيحه أن الحق هو الثابت من جهة ثبوته والباطل يقابل الحق فهو اللاثابت من جهة عدم ثبوته، وقوله: (أن الله هو الحق) بما فيه من ضمير الفصل وتعريف