تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١٤٠
من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وهم الكافرون الظالمون أشار في هذه الآية والآيتين بعدها إلى عدم اعتنائهم بالقرآن الذي هو آية النبوة واقتراحهم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يأتيهم بآيات غيره والجواب عنه.
فقوله: (وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه) اقتراح منهم أن يأتيهم بآيات غير القرآن تعريضا منهم أنه ليس بآية وزعما منهم أن النبي يجب أن يكون ذا قوة الهية غيبية يقوى على كل ما يريد، وفى قولهم: لولا أنزل عليه، دون أن يقولوا: لولا يأتينا بآيات نوع سخرية كقولهم: (يا أيها الذي نزل عليه الذكر انك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة ان كنت من الصادقين) الحجر: 7.
وقوله: (قل انما الآيات عند الله) جواب عن زعمهم أن من يدعى الرسالة يدعى قوة غيبية يقدر بها على كل ما أراد بأن الآيات عند الله ينزلها متى ما أراد وكيفما شاء لا يشاركه في القدرة عليها غيره فليس إلى النبي شئ الا أن يشاء الله ثم زاده بيانا بقصر شأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الانذار فحسب بقوله: (انما أنا نذير مبين).
قوله تعالى: (أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم) إلى آخر الآية توطئة وتمهيد للجواب عن تعريضهم بالقرآن أنه ليس بآية، والاستفهام للانكار والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أي يكفيهم آية هذا الكتاب الذي أنزلناه عليك وهو يتلى عليهم فيسمعونه ويعرفون مكانته من الاعجاز وهو مملو رحمة وتذكرة للمؤمنين.
قوله تعالى: (قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا) القاء جواب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليجيبهم به وهو أن الله سبحانه شهيد بيني وبينكم فيما نتخاصم فيه وهو أمر الرسالة فإنه سبحانه يشهد في كلامه الذي أنزله على برسالتي وهو تعالى يعلم ما في السماوات والأرض من غير أن يجهل شيئا وكفى بشهادته لي دليلا على دعواي.
وليس لهم أن يقولوا انه ليس بكلام الله لمكان تحديه مرة بعد مرة في خلال الآيات ومنه يعلم أن قوله: (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم) ليس دعوى مجردة أو كلاما خطابيا بل هو بيان استدلالي وحجة قاطعة على ما عرفت.
وقوله: (والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون) قصر الخسران فيهم لعدم ايمانهم بالله بالكفر بكتابه الذي فيه شهادته على الرسالة وهم بكفرهم بالله
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست