تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ١٣٩
في الآية الثاني بقرينة المقام، والخط الكتابة، والمبطلون جمع مبطل وهو الذي يأتي بالباطل من القول، ويقال أيضا للذي يبطل الحق أي يدعى بطلانه، والأنسب في الآية المعنى الثاني وان جاز أن يراد المعنى الأول.
وظاهر التعبير في قوله: (وما كنت تتلو) الخ، نفى العادة أي لم يكن من عادتك أن تتلو وتخط كما يدل عليه قوله في موضع آخر: (فقد لبثت فيكم عمرا من قبله) يونس: 16.
وقيل المراد به نفى القدرة أي ما كنت تقدر أن تتلو وتخط من قبله والوجه الأول أنسب بالنسبة إلى سياق الحجة وقد أقامها لتثبيت حقية القرآن ونزوله من عنده.
وتقييد قوله: (ولا تخطه) بقوله: (بيمينك) نوع من التمثيل يفيد التأكيد كقول القائل: رأيته بعيني وسمعته بأذني.
والمعنى: وما كان من عادتك قبل نزول القرآن أن تقرأ كتابا ولا كان من عادتك أن تخط كتابا وتكتبه - أي ما كنت تحسن القراءة والكتابة لكونك أميا - ولو كان كذلك لارتاب هؤلاء المبطلون الذين يبطلون الحق بدعوى أنه باطل لكن لما لم تحسن القراءة والكتابة واستمرت على ذلك وعرفوك على هذه الحال لمخالطتك لهم ومعاشرتك معهم لم يبق محل ريب لهم في أمر القرآن النازل إليك أنه كلام الله تعالى وليس تلفيقا لفقته من كتب السابقين ونقلته من أقاصيصهم وغيرهم حتى يرتاب المبطلون ويعتذروا به.
قوله تعالى: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا الا الظالمون) اضراب عن مقدر يستفاد من الآية السابقة كأنه لما نفى عنه صلى الله عليه وآله وسلم التلاوة والخط معا تحصل من ذلك أن القرآن ليس بكتاب مؤلف مخطوط فأضرب عن هذا المقدر بقوله: (بل هو - أي القرآن - آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم).
وقوله: (وما يجحد بآياتنا الا الظالمون) المراد بالظلم بقرينة المقام الظلم لايات الله بتكذيبها والاستكبار عن قبولها عنادا وتعنتا.
قوله تعالى: (وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل انما الآيات عند الله وانما أنا نذير مبين) لما ذكر الكتاب وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتلوه ويدعوهم إليه به وأن منهم
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست