أقول: وأنت ترى اختلاف الروايات في سبب نزول الآيات وقد تقدم أن الذي يعطيه سياق آيات السورة أنها مكية محضة.
وفى الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا بالله وهم لا يفتنون).
ثم قال لي: ما الفتنة؟ قلت: جعلت فداك الفتنة في الدين فقال: (يفتنون كما يفتن الذهب. ثم قال: يخلصون كما يخلص الذهب.
وفى المجمع قيل: ان معنى يفتنون يبتلون في أنفسهم وأموالهم. وهو المروى عن أبي عبد الله عليه السلام.
وفيه في قوله تعالى: (أو يلبسكم شيعا) وفى تفسير الكلبي أنه لما نزلت هذه الآية قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتوضأ وأسبغ وضوءه ثم قام وصلى فأحسن صلاته ثم سأل الله سبحانه أن لا يبعث عذابا من فوقهم أو من تحت أرجلهم أو يلبسهم شيعا ولا يذيق بعضهم بأس بعض.
فنزل جبرئيل ولم يجرهم من الخصلتين الأخيرتين فقال صلى الله عليه وآله وسلم: يا جبرئيل ما بقاء أمتي مع قتل بعضهم بعضا؟ فقام وعاد إلى الدعاء فنزل: (ألم أحسب الناس أن يتركوا) الآيتان فقال: لا بد من فتنة يبتلى بها الأمة بعد نبيها ليتعين الصادق من الكاذب لان الوحي انقطع وبقى السيف وافتراق الكلمة إلى يوم القيامة.
وفى نهج البلاغة: وقام إليه رجل فقال أخبرنا عن الفتنة وهل سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنها؟ فقال عليه السلام: لما أنزل الله سبحانه قوله: (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) علمت أن الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أظهرنا فقلت: يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله بها؟ فقال: يا علي ان أمتي سيفتنون من بعدي.
وفى التوحيد عن علي عليه السلام - في حديث طويل: وقد سأله رجل عن آيات من القرآن - وقوله: (من كان يرجو لقاء الله فان أجل الله لات) يعنى بقوله: من كان يؤمن بأنه مبعوث فان وعد الله لات من الثواب والعقاب فاللقاء ههنا ليس بالرؤية واللقاء هو البعث فافهم جميع ما في كتاب الله من لقائه فإنه يعنى بذلك البعث.