تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٣٦٦
كلام الملكة فهي لما رأت العرش وسئلت عن امره أحست أن ذلك منهم تلويح إلى ما آتي الله سليمان من القدرة الخارقة للعادة فأجابت بقولها: " وأوتينا العلم من قبلها " الخ، أي لا حاجة إلى هذا التلويح والتذكير فقد علمنا بقدرته قبل هذه الآية أو هذه الحالة وكنا مسلمين لسليمان طائعين له.
وقيل: قوله: " وأوتينا العلم " الخ، من كلام سليمان، وقيل: من كلام قوم سليمان، وقيل من كلام الملكة لكن المعنى وأوتينا العلم بإتيان العرش قبل هذه الحال - وهي جميعا وجوه ردية -.
قوله تعالى: " وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين " الصد: المنع والصرف، ومتعلق الصد الاسلام لله وهو الذي ستشهد به حين تؤمر بدخول الصرح فتقول: أسلمت مع سليمان لله رب العالمين، وأما قولها في الآية السابقة: " وكنا مسلمين " فهو إسلامها وانقيادها لسليمان عليه السلام.
هذا ما عطيه سياق الآيات وللقوم وجوه أخر في معنى الآية أضربنا عنها.
وقوله: " إنها كانت من قوم كافرين " في مقام التعليل للصد، والمعنى: ومنعها عن الاسلام لله ما كانت تعبد من دون الله وهي الشمس على ما تقدم في نبأ الهدهد والسبب فيه أنها كانت من قوم كافرين فاتبعتهم في كفرهم.
قوله تعالى: " قيل لها ادخلي الصرح " إلى آخر الآية، الصرح هو القصر وكل بناء مشرف والصرح الموضع المنبسط المنكشف من غير سقف، واللجة المعظم من الماء والممرد اسم مفعول من التمريد وهو التمليس، والقوارير الزجاج.
وقوله: " قيل لها ادخلي الصرح " كأن القائل بعض خدم سليمان مع حضور من سليمان ممن كان يهديها إلى الدخول عليه على ما هو الدأب في وفود الملوك والعظماء على أمثالهم.
وقوله: " فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها " أي لما رأت الصرح ظنت أنه لجة لما كان عليه الزجاج من الصفاء كالماء وكشفت عن ساقيها بجمع ثيابها لئلا تبتل بالماء أذيالها.
وقوله: " قال إنه صرح ممرد من قوارير " القائل هو سليمان نبهها انه ليس بلجة
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»
الفهرست