تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٨٧
ففي هذه الآيات أعني قوله: " ويقول الانسان - إلى قوله - ونذر الظالمين فيها جثيا " وهي سبع آيات ذكر استبعادهم للبعث والجواب عنه وذكر الإشارة إلى ما لقولهم هذا من التبعة والوبال.
قوله تعالى: " ويقول الانسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا " إنكار للبعث في صورة الاستبعاد، وهو قول الكفار من الوثنيين ومن يلحق بهم من منكري الصانع بل مما يميل إليه طبع الانسان قبل الرجوع إلى الدليل، قيل: ولذلك نسب القول إلى الانسان حينما كان مقتضى طبع الكلام أن يقال: ويقول الكافر، أو: ويقول الذين كفروا " الخ "، وفيه أنه لا يلائم قوله الآتي: " فوربك لنحشرنهم والشياطين - إلى قوله - صليا ".
وليس ببعيد أن يكون المراد بالانسان القائل ذلك هو الكافر المنكر للبعث وإنما عبر بالانسان لكونه لا يترقب منه ذلك وقد جهزه الله تعالى بالادراك العقلي وهو يذكر أن الله خلقه من قبل ولم يك شيئا، فليس من البعيد أن يعيده ثانيا فاستبعاده مستبعد منه، ولذا كرر لفظ الانسان حيث أخذ في الجواب قائلا: " أو لا يذكر الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا أي إنه إنسان لا ينبغي له أن يستبعد وقوع ما شاهد وقوع مثله وهو غير ناسيه.
ولعل التعبير بالمضارع في قوله: " ويقول الانسان " للإشارة إلى استمرار هذا الاستبعاد بين المنكرين للمعاد والمرتابين فيه.
قوله تعالى: " أو لا يذكر الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا الاستفهام للتعجيب والاستبعاد ومعنى الآية ظاهر وقد أخذ فيها برفع الاستبعاد بذكر وقوع المثل ليثبت به الامكان، فالآية نظيرة قوله تعالى في موضع آخر: " وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيى العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة - إلى أن قال - أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم " يس: 81.
فإن قيل: الاحتجاج بوقوع المثل إنما ينتج إمكان المثل والمطلوب في إثبات المعاد هو رجوع الانسان بشخصه وعينه لا بمثله فإن مثل الشئ غيره، قيل: إن هذه الآيات بصدد إثبات رجوع الأجساد والمخلوق منها ثانيا مثل المخلوق أولا وشخصية
(٨٧)
مفاتيح البحث: الظلم (1)، الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست