تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٨٢
كلام المتقين حين يدخلون الجنة فالتقدير وقال المتقون وما نتنزل الجنة إلا بأمر ربك " الخ " وقيل غير ذلك.
وهي جميعا وجوه ظاهرة السخافة يأباها السياق ولا يقبلها النظم البليغ لا حاجة إلى الاشتغال ببيان وجوه فسادها. وسيأتي في ذيل البحث في الآية الثانية وجه آخر للاتصال.
قوله تعالى: " وما نتنزل إلا بأمر ربك " إلى آخر الآية، التنزل هو النزول على مهل وتؤدة فإن تنزل مطاوع نزل يقال: نزله فتنزل والنفي والاستثناء يفيدان الحصر فلا يتنزل الملائكة إلا بأمر من الله كما قال: " لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " التحريم: 60.
وقوله: " له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك " يقال: كذا قدامه وأمامه وبين يديه والمعنى واحد غير أن قولنا: بين يديه إنما يطلق فيما كان بقرب منه وهو مشرف عليه له فيه نوع من التصرف والتسلط فظاهر قوله: " ما بين أيدينا " أن المراد به ما نشرف عليه مما هو مكشوف علينا مشهود لنا: وظاهر قوله: " وما خلفنا بالمقابلة ما هو غائب عنا مستور علينا.
وعلى هذا فلو أريد بقوله: " ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك " المكان شمل بعض المكان الذي أمامهم والمكان الذي هم فيه وجميع المكان الذي خلفهم ولم يشمل كل مكان، وكذا لو أريد به الزمان شمل الماضي كله والحال والمستقبل القريب فقط وسياق قوله: " له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك " ينادى بالإحاطة ولا يلائم التبعيض.
فالوجه حمل " ما بين أيدينا " على الأعمال والآثار المتفرعة على وجودهم التي هم قائمون بها متسلطون عليها، وحمل " ما خلفنا على ما هو من أسباب وجودهم مما تقدمهم وتحقق قبلهم، وحمل " ما بين ذلك " على وجودهم أنفسهم وهو من أبدع التعبير وألطفه وبذلك تتم الإحاطة الإلهية بهم من كل جهة لرجوع المعنى إلى أن الله تعالى هو المالك لوجودنا وما يتعلق به وجودنا من قبل ومن بعد.
ولقد اختلفت كلماتهم في تفسير هذه الجملة فقيل: المراد بما بين أيدينا ما هو
(٨٢)
مفاتيح البحث: الستر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست