لعدم الامر به ولم تكن عن تركه تعالى لك وتوديعه إياك.
وفيه أنه وإن وافق ما تقدم من سبب النزول بوجه لكن يبقى معه التعليل بقوله: " له ما بين أيدينا " الخ، ناقصا وينقطع قوله: " رب السماوات والأرض وما بينهما " عما تقدمه كما سيتضح.
قوله تعالى: " رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا " صدر الآية أعني قوله: " رب السماوات والأرض وما بينهما " تعليل لقوله في الآية السابقة " له ما بين أيدينا وما خلفنا " إلى آخر الآية أي كيف لا يملك ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وكيف يكون نسيا وهو تعالى رب السماوات والأرض وما بينهما؟ ورب الشئ هو مالكه، المدبر لامره، فملكه وعدم نسيانه مقتضى ربوبيته.
وقوله: " فاعبده واصطبر لعبادته " تفريع على صدر الآية والمعنى إذا كنا لا نتنزل إلا بأمر ربك وقد نزلنا عليك هذا الكلام المتضمن للدعوة إلى عبادته فالكلام كلامه و الدعوة دعوته فاعبده وحده واصطبر لعبادته فليس هناك من يسمى ربا غير ربك حتى لا تصطبر على عبادة ربك وتنتقل إلى عبادة ذلك الغير الذي يسمى ربا فتكتفي بعبادته عن عبادة ربك أو تشرك به وربما قيل: إن الجملة تفريع على قوله:
" رب السماوات والأرض " أو على قوله: " وما كان ربك نسيا " أي لم ينسك ربك فاعبده " الخ " والوجهان كما ترى.
وقد بان بهذا التقرير أمور:
أحدها أن قوله: " هل تعلم له سميا " من تمام البيان المقصود بقوله: " فاعبده واصطبر لعبادته " وهو في مقام التعليل له.
والثاني أن المراد بالسمي المشارك في الاسم والمراد بالاسم هو الرب لان مقتضى بيان الآية ثبوت الربوبية المطلقة له تعالى على كل شئ فهو يقول: هل تعلم من اتصف بالربوبية فسمي لذلك ربا حتى تعدل عنه إليه فتعبده دونه.
وبذلك يظهر عدم استقامة عامة ما قيل في معنى السمي في الآية فقد قيل: