تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٩٨
والمغالطة إنما نشأت من أخذ الفعل ضروريا بالنسبة إلى الذات بعد انضمام الحكمة إليها فإن الذات إن أخذت علة تامة للفعل كانت النسبة هي الضرورة قبل الانضمام وبعدها دون الامكان وإن أخذت جزءا من العلة التامة وإنما تتم بانضمام أمر أو أمور إليها كان الفعل بالنسبة إليها ممكنا لا ضروريا وإن كان بالنسبة إلى علته التامة المجتمعة من الذات وغيرها ضروريا لا ممكنا.
والثالث: أن قولنا يجب عليه كذا ولا يجوز عليه كذا حكم عقلي، والعقل في ذلك حاكم قاض لا مدرك آخذ بمعنى أن الحكم الذي في القضية فعل قائم بالعقل مجعول له لا أمر قائم بنفسه يحكيه العقل نوعا من الحكاية كما وقع في لسان بعضهم قائلين أن من شأنه الادراك دون الحكم.
وذلك أن العقل الذي كلامنا فيه هو العقل العملي الذي موطن عمله العمل من حيث ينبغي أو لا ينبغي ويجوز أو لا يجوز، والمعاني التي هذا شأنها أمور اعتبارية لا تحقق لها في الخارج عن موطن التعقل والادراك فكان هذا الثبوت الادراكي بعينه فعلا للعقل قائما به وهو معنى الحكم والقضاء، وأما العقل النظري الذي موطن عمله المعاني الحقيقية غير الاعتبارية تصورا أو تصديقا فإن لمدركاته ثبوتا في نفسها مستقلا عن العقل فلا يبقى للعقل عند إدراكها إلا أخذها وحكايتها وهو الادراك فحسب دون الحكم والقضاء.
وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا (73) - وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورءيا (74) - قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا (75) - ويزيد
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست