تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٣٠٢
كنا طاغين " القلم: 31، وقال: " فظلتم تفكهون إنا لمغرمون بل نحن محرومون " الواقعة: 67.
قوله تعالى: " ثم نكسوا على رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون " قال الراغب: النكس قلب الشئ على رأسه ومنه نكس الولد إذا خرج رجله قبل رأسه قال تعالى: " ثم نكسوا على رؤوسهم ". انتهى فقوله: " ثم نكسوا على رؤوسهم " كناية أو استعارة بالكناية عن قلبهم الباطل على مكان الحق الذي ظهر لهم والحق على مكان الباطل كأن الحق علا في قلوبهم الباطل فنكسوا على رؤوسهم فرفعوا الباطل وهو كون إبراهيم ظالما على الحق وهو كونهم هم الظالمين فخصموا إبراهيم بقولهم " لقد علمت ما هؤلاء ينطقون.
ومعنى قولهم: " لقد علمت " الخ. أن دفاعك عن نفسك برمى كبير الأصنام بالفعل وهو الجذ وتعليق ذلك باستنطاق الالهة مع العلم بأنهم لا ينطقون دليل على أنك أنت الفاعل الظالم فالجملة كناية عن ثبوت الجرم وقضاء على إبراهيم.
قوله تعالى: " قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم - إلى قوله - أفلا تعقلون " لما تفوهوا بقولهم: " ما هؤلاء ينطقون " وسمعه إبراهيم لم يشتغل بالدفاع فلم يكن قاصدا لذلك من أول بل استفاد من كلامهم لدعوته الحقة فخصمهم بلازم قولهم وأتم الحجة عليهم في كون أصنامهم غير مستحقه للعبادة أي غير آلهة.
فما حصل تفريع قوله: " أفتعبدون ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم " أن لازم كونهم لا ينطقون أن لا يعلموا شيئا ولا يقدروا على شئ ولازم ذلك أن لا ينفعوكم شيئا ولا يضروكم، ولازم ذلك أن يكون عبادتهم لغوا إذ العبادة إما لرجاء خير أو لخوف شر وليس عندهم شئ من ذلك فليسوا بآلهة.
وقوله: " أف لكم ولما تعبدون من دون الله " تزجر وتبر منهم ومن آلهتهم بعد إبطال ألوهيتها، وهذا كشهادته على وحدانيته تعالى بعد إثباتها في قوله فيما مر: " وأنا على ذلكم من الشاهدين "، وقوله: " أفلا تعقلون توبيخ لهم.
قوله تعالى: " قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين " هو عليه السلام وإن أبطل بكلامه السابق ألوهية الأصنام وكان لازمه الضمني أن لا يكون كسرهم ظلما
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»
الفهرست