تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٤ - الصفحة ٢٩١
الانكاري ولذا جئ بالفصل والتقدير ليس لهم آلهة كذلك لانهم لا يستطيعون نصر أنفسهم بأن ينصر بعضهم بعضا ولا هم منا يجارون ويحفظون فكيف ينصرون عبادهم من المشركين أو يجيرونهم، وذكر بعضهم أن ضمائر الجمع راجعة إلى المشركين والسياق يأباه.
قوله تعالى: " بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر " إلى آخر الآية هو إضراب عن مضمون الآية السابقة كما كان قوله: " بل هم عن ذكر ربهم معرضون " إضرابا عما تقدمه والمضامين - كما ترى - متقاربة.
وقوله: " حتى طال عليهم العمر " غاية لدوام التمتع المدلول عليه بالجملة السابقة والتقدير بل متعنا هؤلاء المشركين وآباءهم ودام لهم التمتع حتى طال عليهم العمر فاغتروا بذلك ونسوا ذكر الله وأعرضوا عن عبادته، وكذلك كان مجتمع قريش فإنهم كانوا بعد أبيهم إسماعيل قاطنين في حرم آمن متمتعين بأنواع النعم التي تحمل إليهم حتى تسلطوا على مكة وأخرجوا جرهما منها فنسوا ما هم عليه من دين أبيهم إبراهيم وعبدوا الأصنام.
وقوله: " أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها " الأنسب للسياق أن يكون المراد من نقص الأرض وأطرافها هو انقراض بعض الأمم التي تسكنها فإن لكل أمة أجلا ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون - وقد تقدمت الإشارة إلى أن المراد بطول العمر عليهم طول عمر مجتمعهم.
والمعنى: أفلا يرون أن الأرض تنقص منها أمة بعد أمة بالانقراض بأمر الله فماذا يمنعه أن يهلكهم أفهم الغالبون إن أرادهم الله سبحانه بضر أو هلاك وانقراض.
وقد مر بعض الكلام في الآية في نظيرتها من سورة الرعد فراجع. واعلم أن في هذه الآيات وجوها من الالتفات لم نتعرض لها لظهورها.
قوله تعالى: " قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون " أي إن الذي أنذركم به وحي إلهي لا ريب فيه وإنما لا يؤثر فيكم أثره وهو الهداية لان فيكم صمما لا تسمعون الانذار فالنقص في ناحيتكم لا فيه.
قوله تعالى: " ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين النفحة الوقعة من العذاب، والمراد أن الانذار بآيات الذكر لا ينفعهم بل هؤلاء يحتاجون
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»
الفهرست