الملائكة والجن والقديسون من الانس وجبابرة الملوك فإن أكثرهم كانوا يرون الملك قداسة سماوية.
ومعنى كونهم لهم عزا كونهم شفعاء لهم يقربونهم إلى الله بالشفاعة فينالون بذلك العزة في الدنيا ينجر إليهم الخير ولا يمسهم الشر، ومن فسر كونهم لهم عزا بشفاعتهم لهم في الآخرة خفي عليه أن المشركين لا يقولون بالبعث.
قوله تعالى: " كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا " الضد بحسب اللغة المنافي الذي لا يجتمع مع الشئ، وعن الأخفش أن الضد يطلق على الواحد والجمع كالرسول والعدو وأنكر ذلك بعضهم ووجه إطلاق الضد في الآية وهو مفرد على الالهة وهي جمع بأنها لما كانت متفقة في عداوة هؤلاء والكفر بعبادتهم كانت في حكم الواحد وصح بذلك إطلاق المفرد عليها.
وظاهر السياق أن ضميري " سيكفرون " و " يكونون " للالهة وضميري " بعبادتهم " و " عليهم " للمشركين المتخذين للالهة والمعنى: سيكفر الالهة بعبادة هؤلاء المشركين ويكون الالهة حال كونهم على المشركين لا لهم، ضدا لهم يعادونهم ولو كانوا لهم عزا لثبتوا على ذلك دائما وقد وقع ذلك في قوله تعالى: " وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون " النحل: 86. وأوضح منه قوله: " والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير، إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم " فاطر: 14.
وربما احتمل أن يكون بالعكس من ذلك أي سيكفر المشركون بعبادة الالهة ويكونون على الالهة ضدا كما في قوله: " ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين " الانعام: 23، ويبعده أن ظاهر السياق أن يكون " ضدا " وقد قوبل به " عزا " في الآية السابقة، وصفا للالهة دون المشركين ولازم ذلك أن يكون الالهة الذين هم الضد هم الكافرين بعبادة المشركين نظرا إلى خصوص ترتب الضمائر.
على أن التعبير المناسب لهذا المعنى أن يقال: سيكفرون بهم على حد ما يقال: كفر بالله، ولا يقال: كفر بعبادة الله.