" عليه " للإقامة المفهومة من " فأقامه " وهو مصدر جائز الوجهين، والسياق يشهد أنهما كانا جائعين فذكره موسى أخذ الأجرة على عمله إذ لو كان أخذ أجرا أمكنهما أن يشتريا به شيئا من الطعام يسدان به جوعهما.
قوله تعالى: " قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا " الإشارة بهذا إلى قول موسى أي هذا القول سبب فراق بيني وبينك أو إلى الوقت أي هذا الوقت وقت فراق بيني وبينك كما قيل، ويمكن أن تكون الإشارة إلى نفس الفراق، والمعنى هذا الفراق قد حضر كأنه كان أمرا غائبا فحضر عند قول موسى: " لو شئت لاتخذت " الخ وقوله: " بيني وبينك " ولم يقل بيننا للتأكيد، وإنما قال الخضر هذا القول بعد الاعتراض الثالث لان موسى كان قبل ذلك يعتذر إليه كما في الأول أو يستمهله كما في الثاني، وأما الفراق بعد الاعتراض الثالث فقد أعذره موسى فيه إذ قال بعد الاعتراض الثاني: إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني " الخ والباقي ظاهر.
قوله تعالى: " أما السفينة فكانت لمساكين " الخ شروع في تفصيل ما وعد إجمالا بقوله: " سأنبئك " الخ وقوله: " أن أعيبها " أي أجعلها معيبة وهذه قرينة على أن المراد بكل سفينة كل سفينة غير معيبة.
وقوله: " وكان وراءهم ملك " وراء بمعنى الخلف وهو الظرف المقابل للظرف الاخر الذي يواجهه الانسان ويسمى قدام وأمام لكن ربما يطلق على الظرف الذي يغفل عنه الانسان وفيه من يريده بسوء أو مكروه وإن كان قدامه أو فيه ما يعرض عنه الانسان أو فيه ما يشغل الانسان بنفسه عن غيره كان الانسان ولى وجهه إلى جهة تخالف جهته قال تعالى: " فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " المؤمنون: 7، وقال: " وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب الشورى: 51، وقال: " والله من ورائهم " البروج: 20.
ومحصل المعنى: أن السفينة كانت لعدة من المساكين يعملون بها في البحر ويتعيشون به وكان هناك ملك جبار أمر بغصب السفن فأردت بخرقها أحدث فيها عيبا فلا يطمع فيها الجبار ويدعها لهم.
قوله تعالى: " وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا "