ذلك لك لما لك علينا من حق فالقوا واحدا واحدا حتى بلغ رضيعا فيهم قال: نعى يا امه ولا تقاعسي فإنك على الحق فالقيت هي وولدها.
قال ابن عباس: وتكلم أربعة وهم صغار: هذا وشاهد يوسف وصاحب جريح وعيسى بن مريم.
أقول: وروى من وجه آخر عن ابن عباس عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وفيه اخرج ابن مردويه عن انس ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ليلة اسرى بي مررت بناس يقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت عادت كما كانت فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون أقول: وهذا النوع من التمثلات البرزخية التي تصور الأعمال بنتائجها والعذابات المعدة لها كثيرة الورود في اخبار الاسراء وقد تقدم شطر منها في ضمن الروايات.
واعلم أن ما أوردناه من اخبار الاسراء نبذة يسيرة منها وهى كثيرة بالغة حد التواتر رواها جم غفير من الصحابة كانس بن مالك وشداد بن الأوس وعلي بن أبي طالب عليه السلام وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وعبد الله بن مسعود وعمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وأبى بن كعب وسمرة بن جندب وبريدة وصهيب بن سنان وحذيفة بن اليمان وسهل بن سعد وأبو أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وأبو الحمراء وأبو الدرداء وعروة وأم هاني وأم سلمة وعائشة وأسماء بنت أبي بكر كلهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وروتها جماعة كثيرة من رواة الشيعة عن أئمة أهل البيت عليه السلام.
وقد اتفقت أقوال من يعتنى بقوله من علماء الاسلام على أن الاسراء كان بمكة قبل الهجرة كما يستفاد من قوله تعالى: (سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام) الآية، ويدل عليه ما اشتملت عليه كثير من الروايات من اخباره صلى الله عليه وآله وسلم قريشا بذلك صبيحة ليلته وانكارهم ذلك عليه واخباره إياهم بأساطين المسجد الأقصى وما لقيه في الطريق من العير وغير ذلك.
ثم اختلفوا في السنة التي اسرى به صلى الله عليه وآله وسلم فيها فقيل: في السنة الثانية من البعثة كما