ان ربك يصلى فقال: يا جبرئيل وكيف يصلى؟ فقال: يقول: سبوح قدوس انا رب الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبى فقال: اللهم عفوك عفوك.
قال: وكان كما قال الله: قاب قوسين أو أدنى فقال له أبو بصير: جعلت فداك وما قاب قوسين أو أدنى؟ قال: ما بين سيتها إلى رأسها فقال: بينهما حجاب يتلألأ ولا اعلمه الا وقد قال: من زبرجد فنظر في مثل سم الابرة إلى ما شاء الله من نور العظمة. الحديث.
أقول وآيات صدر سوره النجم تؤيد ما في الرواية من وقوع المعراج مرتين ثم الاعتبار يساعد على ما في الرواية من صلاته تعالى فان الأصل في معنى الصلاة الميل والانعطاف، وهو من الله سبحانه الرحمة ومن العبد الدعاء كما قيل، واشتمال ما أخبر به جبرئيل من صلاته تعالى على قوله: (سبقت رحمتي غضبى) يؤيد ما ذكرناه ولذلك أيضا أوقفه جبرئيل في الموقف الذي أوقفه وذكر له انه موطأ ما وطئه أحد قبله وذلك أن لازم ما وصفه بهذا الوصف ان يكون الموقف هو الحد الفاصل بين الخلق والخالق وآخر ما ينتهى إليه الانسان من الكمال فهو الحد الذي يظهر فيه الرحمة الإلهية وتفاض على ما دونه ولهذا أوقف صلى الله عليه وآله وسلم لمشاهدته.
وفي المجمع - وهو ملخص من الروايات - ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: اتانى جبرائيل وانا بمكة فقال: قم يا محمد فقمت معه وخرجت إلى الباب فإذا جبرائيل ومعه ميكائيل وإسرافيل فاتى جبرائيل بالبراق وكان فوق الحمار ودون البغل خده كخد الانسان وذنبه كذنب البقر وعرفه كعرف الفرس وقوائمه كقوائم الإبل عليه رحل من الجنة وله جناحان من فخذيه خطوه منتهى طرفه فقال: اركب فركبت ومضيت حتى انتهيت إلى بيت المقدس ثم ساق الحديث إلى أن قال: فلما انتهيت إلى بيت المقدس إذا ملائكه نزلت من السماء بالبشارة والكرامة من عند رب العزة وصليت في بيت المقدس، وفي بعضها - بشر لي إبراهيم - في رهط من الأنبياء ثم وصف موسى وعيسى ثم اخذ جبرائيل بيدي إلى الصخرة فاقعدني عليها فإذا معراج إلى السماء لم أر مثلها حسنا وجمالا.
فصعدت إلى السماء الدنيا ورايت عجائبها وملكوتها وملائكتها يسلمون على ثم صعد بي جبرائيل إلى السماء الثانية فرأيت فيها عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا. ثم