أقول: وروى القمي أيضا باسناده عن سدير الصيرفي عن أبي جعفر عليه السلام قال:
كان أصحاب الكهف صيارفة: لكن في تفسير العياشي عن درست عن أبي عبد الله عليه السلام:
أنه ذكر أصحاب الكهف فقال: كانوا صيارفة كلام ولم يكونوا صيارفة دراهم.
وفى تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ان أصحاب الكهف أسروا الايمان وأظهروا الكفر فآجرهم الله مرتين.
أقول: وروى في الكافي ما في معناه عن هشام بن سالم عنه عليه السلام وروى ما في معناه العياشي عن الكاهلي عنه عليه السلام، وعن درست في خبرين عنه عليه السلام وفي أحد الخبرين: أنهم كانوا ليشدون الزنانير ويشهدون الأعياد.
ولا يرد عليه أن ظاهر قوله تعالى حكاية عنهم: " إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها " الآية أنهم كانوا لا يرون التقية كما احتمله المفسرون في تفسير قوله تعالى حكاية عنهم: " أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا " الآية وقد تقدم.
وذلك لأنك عرفت أن خروجهم من المدينة كان هجره من دار الشرك التي كانت تحرمهم إظهار كلمة الحق والتدين بدين التوحيد غير أن تواطيهم على الخروج وهم ستة من المعاريف وأهل الشرف وإعراضهم عن الاهل والمال والوطن لم يكن لذلك عنوان إلا المخالفة لدين الوثنية فقد كانوا على خطر عظيم لو ظهر عليهم القوم ولم ينته أمرهم إلا إلى أحد أمرين الرجم أو الدخول في ملة القوم.
وبذلك يظهر أن قيامهم أول مرة وقولهم: " ربنا رب السماوات والأرض لن ندعوا من دونه إلها " لم يكن بتظاهر منهم على المخالفة وتجاهر على ذم ملة القوم ورمي طريقتهم فما كانت الأوضاع العامة تجيز لهم ذلك، وإنما كان ذلك منهم قياما لله وتصميما على الثبات على كلمة التوحيد ولو سلم دلالة قوله: " إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض " على التظاهر ورفض التقية فقد كان في آخر أيام مكثهم بين القوم وكانوا قبل ذلك سائرين على التقية لا محاله، فقد بان أن سياق شئ من الآيتين لا ينافي كون الفتية سائرين على التقية ما داموا بين القوم وفي المدينة.