تفيد معنى الخطاب كما في أسماء الإشارة، والمراد بقوله: " هذا الذي كرمت علي " آدم عليه السلام وتكريمه على إبليس تفضيله عليه بأمره بالسجدة ورجمه حيث أبى.
ومن هنا يظهر أنه فهم التفضيل من أمر السجدة كما أنه اجترى على إرادة اغواء ذريته مما جرى في محاورته تعالى الملائكة من قولهم: " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " البقرة 30، وقد تقدم في تفسير الآية ما ينفع هيهنا.
والاحتناك - على ما في المجمع الاقتطاع من الأصل، يقال: احتنك فلان ما عند فلان من مال أو علم إذا استقصاه فأخذه كله واحتنك الجراد المزرع إذا أكله كله، وقيل: انه من قولهم حنك الدابة بحبلها إذا جعل في حنكها الأسفل حبلا يقودها به والظاهر أن المعنى الأخير هو الأصل في الباب، والاحتناك الالجام.
والمعنى: قال إبليس بعد ما عصى وأخذه الغضب الإلهي رب أرأيت هذا الذي فضلته بأمري بسجدته ورجمي بمعصيته أقسم لئن أخرتني إلى يوم القيامة وهو مدة مكث بني آدم في الأرض لألجمن ذريته الا قليلا منهم وهم المخلصون.
قوله تعالى: " قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا " قيل: الامر بالذهاب ليس على حقيقته وإنما هو كناية عن تخليته ونفسه كما تقول لمن يخالفك: افعل ما تريد، وقيل: الامر على حقيقته وهو تعبير آخر لقوله في موضع آخر: " أخرج منها فإنك رجيم " والموفور المكمل فالجزاء الموفور الجزاء الذي يوفى كله ولا يدخر منه شئ ومعنى الآية واضح.
قوله تعالى: " واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك " إلى آخر الآية الاستفزاز الازعاج والاستنهاض بخفة وإسراع، والاجلاب كما في المجمع السوق بجلبة من السائق والجلبة شدة الصوت، وفي المفردات: أصل الجلب سوق الشئ يقال جلبت جلبا قال الشاعر: " وقد يجلب الشئ البعيد الجواب وأجلبت عليه صحت عليه بقهر، قال الله عز وجل: " وأجلب عليهم بخيلك ورجلك " انتهى.
والخيل - على ما قيل - الأفراس حقيقة ولا واحد له من لفظه ويطلق على الفرسان