ولو أظهر لهم أحاطوا به علما كسائر ما عندهم من الأمور المحسوسة وقد أخطأ قياسهم واشتبه عليهم فأن بعض ما في الغيب ومن جملته الساعة لا يطيق علمه إلا الله سبحانه.
وقد ظهر من الآية أن علم الساعة مما لا يطيقه شئ من الأشياء إلا الله سبحانه وكذا حقيقة ما له من الأوصاف والنعوت فإن الجميع ثقيله بثقلها.
قوله تعالى: " قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله " إلى آخر الآية لما كان في سؤالهم الغيب عنه صلى الله عليه وآله وسلم إيهام أن دعواه النبوة دعوى لعلم الغيب، ولا يعلم الغيب حقيقة غيره تعالى الا بوحي وتعليم إلهي، أمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يتبرء من دعوى العلم بالغيب.
وحقيقة السبب في اختصاص العلم بالغيب به تعالى أن غيره تعالى أياما كان محدود الوجود لا سبيل له إلى الخارج منه الغائب عنه من حيث إنه غائب، ولا شئ غير محدود ولا غير متناه محيط بكل شئ إلا الله سبحانه فله العلم بالغيب. لكن لما كان أولئك السائلون لا يسعهم فهم هذا السبب على ما لهم من الافهام البسيطة العامية أمره صلى الله عليه وآله وسلم أن يكلمهم بما يسعهم فهمه، وهو أن العلم بالغيب يهدي الانسان إلى كل خير وشر والعادة تأبى أن يعلم أحد الخير والشر ويهتدي إلى موقعهما ثم لا يستفيد من ذلك لنفسه فالانسان إذا لم يستكثر من الخير ولم يوق من الشر كيف يعلم الغيب؟.
فقوله في صدر الآية: " قل لا أملك لنفسي " الآية وصف لنفسه بما ينافي نتيجة العلم بالغيب ثم قوله: " ولو كنت أعلم الغيب " الآية بيان نتيجة العلم بالغيب، لينتج من الفصلين عدم علمه بالغيب، ثم قوله: " إن أنا إلا نذير " بيان حقيقة حاله فيما يدعيه من الرسالة من غير أن يكون معها دعوى أخرى.
(بحث روائي) في تفسير القمي: في قوله " يسألونك عن الساعة أيان مرساها " الآية، قال: قال:
إن قريشا بعثوا العاص بن وائل السهمي، والنضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي