وأقيم المضاف إليه وهو ضمير التثنية المدلول عليه في قوله: " جعلا مقامه ". وفيه أنه لا دليل عليه.
وربما التزم بعض المفسرين الاشكال، وتسلم أن المراد بهما آدم وزوجته، وأنهما أشركا بالله عملا بروايات وردت في القصة عن بعضهم، وهي موضوعة أو مدسوسة مخالفة للكتاب لا سبيل إلى الاخذ بأمثالها.
قوله تعالى: " أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون " إلى آخر الآيات الثلاث. صدر الآيات وإن احتمل أن يكون المراد الشرك بالأصنام أو بسائر الأسباب غير الله، التي الاعتماد عليها نوع من الشرك لكن ذيلها ظاهر في أن المراد هو الشرك بالأصنام المتخذة آلهة وهي جماد لا يستطيع نصر من يعبدها ولا نصر أنفسها، ولا يشعر بشئ من الدعاء وعدمه.
قوله تعالى: " إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم - إلى قوله - يسمعون بها " احتجاج على مضمون الآيات الثلاث السابقة، والمعنى إنما قلنا إنهم مخلوقون لا يقدرون على شئ لانهم عباد أمثالكم فكما أنكم مخلوقون مدبرون كذلك هم.
والحجة عليه أنهم لا يستجيبون لكم إن دعوتموهم فادعوهم إن كنتم صادقين في دعواكم أن لهم علما وقدرة - وإنما نسب إليهم دعوى كونهم ذوي علم وقدرة لما في دعوتهم من الدلالة على ذلك - وكيف يستجيبون لكم؟ وليست ما عبأتم لهم من الأرجل والأيدي ماشية وباطشة، ولا ما صورتم لهم من الأعين والآذان مبصرة وسامعة لانهم جمادات.
وفي الآيات إطلاق العباد على الجمادات.
قوله تعالى: " قل ادعوا شركاء كم ثم كيدون فلا تنظرون " إلى آخر الآيات ثم أمره صلى الله عليه وآله وسلم أن يكر عليهم على انتصارهم بأربابهم وآلهتهم بالتحدي والاعجاز ليستبين سبيله من سبيلهم، ويظهر أن ربه هو الله الذي له كل العلم والقدرة، وأن أربابهم لا يملكون علما ليهتدوا به إلى شئ ولا قدرة لينصروهم في شئ.
فقال: قل لهم ادعوا شركاءكم لنصركم علي ثم كيدوني فلا تنظروني ولا تمهلوني إن ربي ينصرني ويدفع عني كيدكم فإنه الذي نزل الكتاب ليهدي به الناس، وهو يتولى الصالحين من عباده فينصرهم، وهو القائل: إن الأرض يرثها عبادي الصالحون