تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٢٨٥
والأئمة كما في قوله حكاية عن مؤمن آل فرعون ولم يكن بنبي ظاهرا: " وقال الذي آمن يا قوم اتبعوني أهدكم سبيل الرشاد " المؤمن: 38.
ولا يبعد أن يكون المراد بهذه الأمة من قوم موسى عليه السلام الأنبياء والأئمة الذين نشأوا فيهم بعد موسى وقد وصفهم الله في كلامه بالهداية كقوله تعالى: " وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون " ألم السجدة: 24 وغيره من الآيات وذلك أن الآية أعني قوله: " أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " لو حملت على حقيقة معناها من الهداية بالحق والعدل بالحق لم يتيسر لغير النبي والامام أن يتلبس بذلك وقد تقدم كلام في الهداية في تفسير قوله تعالى: " قال إني جاعلك للناس إماما " البقرة: 124 وقوله: " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره " الانعام: 125. وغيرهما من الآيات.
قوله تعالى: " وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما " إلى آخر الآية. السبط بحسب اللغة ولد الولد أو ولد البنت. والجمع أسباط، وهو في بني إسرائيل بمعنى قوم خاص، فالسبط عندهم بالمنزلة القبيلة عند العرب. وقد نقل عن ابن الحاجب أن أسباطا في الآية بدل من العدد لا تمييز وإلا لكانوا ستة وثلاثين سبطا على إرادة أقل الجمع من " أسباطا " وتمييز العدد محذوف للدلالة عليه بقوله: " أسباطا " والتقدير وقطعناهم اثنتي عشرة فرقة أسباطا هذا. وربما قيل: إنه تمييز لكونه بمعنى المفرد والمعنى اثنتي عشرة جماعة مثلا.
وقوله: " وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه " الآية الانبجاس هو الانفجار وقيل الانبجاس خروج الماء بقلة، والانفجار خروجه بكثرة، وظاهر من قوله:
" فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم " أن العيون كانت بعدد الأسباط وأن كل سبط اختصوا بعين من العيون، وأن ذلك كانت عن مشاجرة بينهم ومنافسة، وهو يؤيد ما في الروايات من قصتها. وباقي الآية ظاهر.
وقد عد الله سبحانه في هذه الآيات من معجزات موسى عليه السلام وآياته: الثعبان و اليد البيضاء، وسني آل فرعون ونقص ثمراتهم، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، وفلق البحر، وإهلاك السبعين، وإحياءهم، وانبجاس العيون من الحجر بضرب العصا، والتظليل بالغمام، وإنزال المن والسلوى، ونتق الجبل فوقهم
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست