الرجفة فصعقوا. فقال موسى، أي رب جئتك بسبعين من خيار بني إسرائيل فأرجع إليهم وليس معي منهم أحد فكيف أصنع ببني إسرائيل؟ أليس يقتلوني؟ فقيل له:
سل مسألتك. قال: أي رب إني أسألك أن تبعثهم، فبعثهم الله، فذهبت مسألتهم ومسألته، وجعلت تلك الدعوة لهذه الأمة.
أقول: وإنما أوردنا الروايتين لكونهما بما فيهما من القصة شبيهتين بالموقوفات لكنهما مع الاختلاف لا ينطبقان على شئ مما قيل فيهما من أطراف القصة ونزول الآيات، على ظاهر شئ من الآيات فمسألتهم إنما هي الرؤية وقد ردت إليهم. ومسألة موسى عليه السلام إنما بعثهم، وقد أجيبت فبعثوا، وكتابة الرحمة على بني إسرائيل، وقد أجيبت بشرط التقوى والايمان بآيات الله، ولم يجعل شئ من وفادتهم لغيرهم، والخطاب بقوله: " ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون " للنبي صلى الله عليه وآله وسلم دون موسى على ما يعطيه السياق.
ونظير الروايتين في عدم الانطباق على الآية ما روي عن ابن عباس في قوله:
" واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة " قال: فلم يعطها موسى قال: " عذابي أصيب به من أشياء - إلى قوله - المفلحون " والمراد أنه لم يعطها بل أعطيتها هذه الأمة وقد مر أن ظهور الآية في غير ذلك.
ونظير ذلك ما روي عن السدي في قوله تعالى: " إن هي إلا فتنتك " الآية قال: قال موسى: يا رب إن هذا السامري أمرهم أن يتخذوا العجل أرأيت الروح من نفخها فيه؟ قال الرب: أنا، قال: فأنت إذا أضللتهم، وروي العياشي في تفسيره مثله عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام مرسلا، وفيه قال موسى: يا رب ومن أخار العجل؟ قال: أنا. قال موسى عنده: إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء.
وذلك أن الآية أعني قوله: " إن هي إلا فتنتك " من كلامه عليه السلام في قصة هلاك السبعين، وأين هي من قصة العجل؟ إلا أن يتكرر منه ذلك.