تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٨ - الصفحة ٢٦٠
أبواب السماء، وأقبلت الملائكة أفواجا في أيديهم العمد، وفي رأسها النور يمرون به فوجا بعد فوج، يقولون: يا ابن عمران أثبت فقد سألت عظيما. قال: فلم يزل موسى واقفا حتى تجلى ربنا جل جلاله فجعل الجبل دكا وخر موسى صعقا فلما أن رد الله عليه روحه أفاق " قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ".
وفيه أيضا عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن موسى بن عمران لما سأل ربه النظر إليه وعد الله أن يقعد في موضع ثم أمر الملائكة تمر عليه موكبا موكبا بالرعد والبرق والريح والصواعق فكلما مر به موكب من المواكب ارتعدت فرائصه فيرفع رأسه فيسأل: أيكم ربي؟ فيجاب هو آت وقد سألت عظيما يا ابن عمران.
أقول: والرواية موضوعة، وما تشمل عليه لا يقبل الانطباق على شئ من مسلمات الأصول المتخذة من الكتاب والسنة.
وفي البصائر بإسناده عن أبي محمد عبد الله بن أبي عبد الله الفارسي وغيره فرفعوه إلى أبي عبد الله عليه السلام: أن الكروبيين قوم من شيعتنا من الخلق الأول جعلهم الله خلف العرش لو قسم نور واحد منهم على أهل الأرض لكفاهم، ثم قال: إن موسى عليه السلام لما سأل ربه ما سأل أمر واحدا من الكروبيين تجلى للجبل فجعله دكا.
أقول: محصل الرواية أن تجليه سبحانه يقبل الوسائط كما أن سائر الأمور المنسوبة إليه تعالى كالتوفي والاحياء والرزق والوحي وغيرها يقبل الوسائط فهو تعالى يتجلى بالوسائط كما يتوفى بملك الموت، ويحيي بصاحب الصور، ويرزق بميكائيل، ويوحي بجبرئيل الروح الأمين، وسيوافيك شرح الرواية في موضع مناسب له إن شاء الله . وللكروبيين ذكر في التوراة.
وفي الدر المنثور أخرج ابن مردويه والحاكم وصححه عن أنس ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرء " دكا " منونة ولم يمده.
وفيه أخرج ابن مردويه عن أنس ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرء " فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا " مثقلة ممدودة.
وفيه أخرج أبو نعيم في الحلية عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما تجلى ربه للجبل طارت لعظمته ستة أجبل فوقعن بالمدينة: أحد وورقان
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست