تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٧ - الصفحة ٢١٣
والإله (ساجيلا) والذي ذكره من أن الله لم يكلف قوم إبراهيم شيئا غير التوحيد اكتفاء بتربية المدنية (الخ) يكذبه أن هذا يحكى عن لسان إبراهيم عليه السلام الصلاة كما في أدعيته في سورة إبراهيم ويذكر أن الله أوحى إليه فعل الخيرات وإيتاء الزكاة كما في سورة الأنبياء، وأنه شرع الحج وأباح لحوم الانعام كما في سورة الحج، وكان من شريعته الاعتزال عن المشركين كما في سورة الممتحنة، وكان ينهى عن كل ظلم لا ترتضيه الفطرة كما في سورة الأنعام وغيرها، ومن شرعه التطهر كما تشير إليه سورة الحج ووردت الاخبار أنه عليه السلام شرع الحنيفية وهى عشر خصال: خمس في الرأس وخمس في البدن ومنها الختنة، وكان يحيى بالسلام كما في سورة هود ومريم.
وقد قال الله تعالى: ملة أبيكم إبراهيم) (الحج: 78) وقال: (قل بل ملة إبراهيم حنيفا) (البقرة: 135) فوصف هذا الدين على ما له من الأصول والفروع بأنه ملة إبراهيم عليه السلام، وهذا وإن لم يدل على أن هذا الدين على ما فيه من تفاصيل الاحكام كان مشرعا في زمن إبراهيم عليه السلام بل الامر بالعكس كما يدل عليه قوله: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى) (الشورى: 13) إلا أنه يدل على أن شرائعه راجعة إلى أصل أو أصول كلية تهدى إليها الفطرة مما ترتضيه وتأمر به أو لا ترتضيه وتنهى عنه قال تعالى في آخر هذه السورة بعد ما ذكر حججا على الشرك وجملا من الأوامر والنواهي الكلية مخاطبا نبيه صلى الله عليه وآله: (قل إنني هداني ربى إلى صراط مستقيم، دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين) (الانعام: 161).
ولو كان الامر على ما ذكره أن الله لم يشرع لإبراهيم عليه السلام شريعة بل اكتفى بما بين يديه من القانون المدني الدائر وهو شريعة حمورابي لكانت الشريعة المذكورة ممضاة مصوبة من عند الله، وكانت من أجزاء دين إبراهيم عليه السلام بل الدين الاسلامي الذي شرع في القرآن لأنه هو ملة إبراهيم حنيفا فكانت إحدى الشرائع الإلهية ونوعا من الكتب السماوية.
والحق الذي لا مرية فيه أن الوحي الإلهي كان يعلم الأنبياء السالفين وأممهم
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الأنعام 5
2 (37 - 55) كلام في المجتمعات الحيوانية. (بحث قرآني) 73
3 (56 - 73) كلام في معنى الحكم وأنه لله وحده (بحث قرآني) 115
4 (56 - 73) كلام في معنى حقيقة فعله وحكمه تعالى (بحث قرآني) 119
5 (76 - 83) قصة إبراهيم عليه السلام وشخصيته في أبحاث. 215
6 (76 - 83) 1 - قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن. (بحث قرآني) 215
7 (76 - 83) 2 - منزلته عند الله تبارك وتعالى وموقفه العبودي. (بحث قرآني) 215
8 (76 - 83) 3 - أثره المبارك في المجتمع البشري (بحث علمي) 218
9 (76 - 83) 4 - ما تقصه التوراة فيه. (بحث تاريخي) 219
10 (76 - 83) 5 - تطبيق ما في التوراة من قصته من ما في القرآن. (بحث علمي) 225
11 (76 - 83) 6 - الجواب عما استشكل على القرآن على أمره (بحث علمي) 234
12 (84 - 90) كلام في معنى الكتاب في القرآن. (بحث قرآني) 252
13 (84 - 90) كلام في معنى الحكم في القرآن. (بحث قرآني) 254
14 (84 - 90) في أن الاسلام بعد أولاد البنات أولادا وذرية. (بحث قرآني وروائي) 261
15 (84 - 90) كلام في معنى البركة في القرآن. (بحث قرآني) 280
16 (91 - 105) كلام في عموم الخلقة وانبساطها على كل شئ (بحث قرآني) 292
17 (122 - 127) كلام في معنى الهداية الإلهية. (بحث قرآني) 346