موجه العذر، وهذا هو الحال الذي كان عليه المؤمنون قبل ايمانهم لا يبتغون الا الدنيا فإذا أنعم الله عليهم بالايمان، ومن عليهم بالاسلام كان الواجب عليهم ان يتبينوا فيما يصنعون ولا ينقادوا لأخلاق الجاهلية وما بقى فيهم من اثارتها.
(بحث روائي) في الدر المنثور في قوله تعالى (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ) (الآية) أخرج ابن جرير عن عكرمة قال: كان الحارث بن يزيد بن نبيشة من بنى عامر بن لوى يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل ثم خرج مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه عياش بالحرة فعلاه بالسيف وهو يحسب أنه كافر، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فنزلت: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ) (الآية) فقرأها عليه، ثم قال له: قم فحرر.
أقول: وروى هذا المعنى بغيره من الطرق، وفي بعضها أنه قتله بمكة يوم الفتح حين خرج عياش وكان في وثاق المشركين إلى ذلك اليوم وهم يعذبونه ولقى حارثا وقد أسلم وعياش لا يعلم بإسلامه فقتله عياش إذ ذاك. وما أثبتناه من رواية عكرمة أوفق بالاعتبار وأنسب لتاريخ نزول سورة النساء.
وروى الطبري في تفسيره عن ابن زيد أن الذي نزلت فيه الآية هو أبو الدرداء كان في سرية فعدل إلى شعب يريد حاجة، له فوجد رجلا من القوم في غنم له فحمل عليه بالسيف فقال: لا إله إلا الله فضربه ثم جاء بغنمه إلى القوم ثم وجد في نفسه شيئا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فنزلت الآية.
وروى في الدر المنثور أيضا عن الروياني وابن منده وأبى نعيم عن بكر بن حارثة الجهني أنه هو الذي نزلت فيه الآية لقصة نظيرة قصة أبى الدرداء، والروايات على أي حال لا تزيد على التطبيق.
وفي التهذيب بإسناده عن الحسين بن سعيد عن رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كل العتق يجوز له المولود إلا في كفارة القتل فإن الله تعالى يقول:
(فتحرير رقبة مؤمنة) يعنى بذلك مقرة قد بلغت الحنث (الحديث).