شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ١ - الصفحة ٢٦٢
إذا ظهرت الحقايق بطلت الشرايع فبالحقيقة لا هداية ولا اضلال بالنسبة إليه بل يصير فيضه في المهتدى هداية وفى الضال ضلالة كالماء الذي لا طعم له بذاته ففي قصب السكر يصير حلوا وفى الحنظل مرا وأيضا مشيته لهذه على طبق الاستدعاء الذاتي لمهياتها كما مر لا ظلم في مشيته ولا جور في حكومته والتعميم لان الاظهار والابراز ليس متعلقا بشئ دون شئ فكما إذا طلع الشمس يظهر الطاهر والقاذور والطيب والخبيث كذلك الوجود الذي هو نور الحق تعالى يظهر المهتدى والضال ولهذه المذكورات يقول هذه في كتابه المجيد ولا يبالي وكذا في القدسي خلقت هؤلاء للنار ولا أبالي وهؤلاء للجنة ولا أبالي والخلاف في اختلاف الطينة واختلاف العقول في الأصل واتفاقها الحق عندي فيه الجمع فإنها باعتبار وجودها كانت متفقة وباعتبار مهياتها مختلفة والطين مركب من الماء والتراب والماء هو الوجود والتراب هو المهية يا من يصور في الأرحام ما يشاء هذا بحسب باطنه يناسب الأسماء الشريفة المذكورة مشيرا إلى ما ذكرنا ثانيا بحمل الأرحام على الأعيان في الحضرة العلمية كما هو أحد وجوه قوله (ع) السعيد سعيد في بطن امه والشقي شقي في بطن امه واما بحسب ظاهره فاعلم أن النطفة إذا وقعت في الرحم صارت كروية لأن الماء كروية الشكل بالطبع ثم نضجت بالتدريج حتى طفت اجزاؤها اللطيفة من مركزها إلى محيطها وتوزعت طبقات أربع بعدد العناصر فما هو غليظ في الغاية يبقى في المركز وما هو لطيف في الغاية يطفو ويصير طبقة محيطة وما غليظه غالب يقرب إلى المركز وما لطافته غالبة يقرب من المحيط فما في المركز سوداء وما في المحيط صفراء وما يلى المركز بلغم وما يلى المحيط دم فهذه وإن كانت طبايعها مختلفة ولكن باعتبار كونها في حشو الرحم ودم الطمث تحمر بالتدريج فتصير علقة حمراء وهذا كله في أربعين يوما وهو عدد ميقات موسى (ع) ومعتبر عند العرفا يشار إليه في الحديث الشريف المشهور من أخلص لله أربعين صباحا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه والعلة في ذلك كله ان الشئ باكمال هذا العدد ينقلب انقلابا تاما ثم جعل العناية الإلهية هذه الاخلاط الأربعة التي هي كالعناصر مادة لخلق الأعضاء السبعة الظاهرة من الرأس والظهر والبطن واليدين والرجلين والسبعة الباطنة من الدماغ والقلب والكبد والرية وأعضاء التناسل والمرارة والطحال فاخذ من الاخلاط لخلق كل بحسبه وقدره على ما اقتضته العناية وهذا هو الدور المعدني ثم خلق العناية في هذه الأعضاء الظاهرة والباطنة قوى نباتية من رؤساء أربع وجعل لكل منها خوادم من
(٢٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 ... » »»