فثبت ان الشرور بالذات اعدام والآلام وإن كانت مؤذية فليست بشرور بل خيرات لكونها وجودية وما ذكره المحقق الدواني ان هناك شرين أحدهما تفرق الاتصال والاخر الألم ولا ينكره عاقل مثل ان يقال فقد الثمار بالبرد شر والبرد شر اخر ولا ينكره عاقل ان البرد المؤذي المفسد شر وكما أن هذا القول باطل إذ العاقل يقطع بان الشر انما هو فقد الثمار واما البرد وهو كيفية موجودة أو الحر فليس بشر بالذات وان أجمد ذاك أو أحرق هذا سعيدا فكذا القطع بان الألم شر باطل نعم يكرهه المتألم وليس كلما يكرهه أحد يجب ان يكون شرا إذ يكره الانسان وجود الحية مثلا بل وجود الظالم من بنى نوعه بل كثيرا من الأشياء كما قال تعالى ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السماوات والأرض وليست هي بما هي وجودات بشرور ففرق بين كون الوجع مكروها للانسان وبين كونه شرا في نفسه فالمغالطة في كلام المحقق من هذا الباب وهو اشتباه ما بالعرض بما بالذات ثم إن فيها من الخيرات الإضافية ما لا تعد ولا تحصى فإنها من حيث الإضافة الصدورية إلى القلم الاعلى خيرات حيث إن المعلول ملايم علته ومقتضى ذاتها وكذا من حيث إن السعداء والمتقربين بها يرتقون إلى المقامات العالية من الصبر والرضا والتسليم وغيرها وكذا بهذه الادراكات المؤلمة يحصل الاطلاع على أحوال أهل الابتلاء فيستغيثون ويغاثون وأيضا يعرف قدر مقابلاتها من اللذات مع أن شريتها بالذات مع وجوديتها معارضة بالقياس المنقول عن العلامة الشيرازي وبالتقسيم والتشقيق الذي ذكره أرسطو في دفع شبهة الثنوية يا عالم السر والهمم يا رب البيت والحرم يا من خلق الأشياء من العدم سبحانك الخ في معنى هذا العدم وجوده أحدها وهو الأولى ان يكون المراد منه الوجود المطلق أعني فيض الله المقدس عن التعينات إذ قد علمت أن للوجود ثلث مراتب الوجود الحق والوجود المطلق الذي هو صنعه والوجود الذي هو مصنوعه وهذا المطلق بمنزلة مادة الشئ التي ينسب إليها بكلمة من كما يقال صنع الخاتم من الفضة وهنا أيضا استعمل كلمة من بل هذا الوجود المطلق نفس مادة الشئ والمهية الامكانية صورته عند بعض العرفاء كسعد الدين الحموي رحمه الله وغيره ومعلوم انه ليس مادة مصطلحة عند القوم بل مقصود هم إما تشبيهه في السعة والحيطة الوجودية بالمادة في السعة الابهامية أو عقد اصطلاح خاص ولكل ان يصطلح على ما شاء وبالجملة أصل كل شئ كان ذلك الوجود الاطلاقي الذي هو فيض الله تعالى وصنعه وهو كما يشعر تسميته بالمقدس كان مجردا
(٢٥٨)