شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ١ - الصفحة ٢٦٥
وملك الأرزاق واما ان يكون مدبرة للاشخاص الجزئية ويسمى نفوسا أرضية كالنفوس الناطقة والثالث وهي الجواهر الغايبة التي لا تكون مؤثرة ولا مدبرة للأجسام تنقسم إلى خيرة بالذات وهم الملائكة الكروبيون عند أهل الشرع والى شريرة بالذات وهم الشياطين وإلى مستعد للخير والشر وهم الجن ثم إن الناس اختلفوا في مهية الملائكة وقد ذكر صدر المتألهين س وجه ضبط لأقوالهم لا باس بذكره فقال في مفاتيح الغيب ان الناس قد اختلفوا في مهية الملائكة وحقيقتها وطريق الضبط ان يقال إن الملائكة لا بد وأن يكون لها ذوات قائمة بأنفسها في الجملة ثم إن تلك الذوات إما أن تكون متحيزة أو لا تكون إما الأول ففيه أقوال أحدها انها أجسام لطيفة هوائية تقدر على التشكل باشكال مختلفة مسكنها السماوات وهو قول الظاهريين وثانيها قول طوايف من عبدة الأصنام ان الملائكة في الحقيقة هي هذه الكواكب الموصوفة بالانحاس والاسعاد فإنها عند هم احياء ناطقة وان السعدات منها ملائكة الرحمة والنحسات منها ملائكة العذاب وثالثها قول معظم المجوس والثنوية وهو ان هذا العالم مركب من أصلين أولين وهما النور والظلمة وهما في الحقيقة جوهران شفافان قادران مختاران متضادا النفس والصورة مختلفا الفعل والتدبير فجوهر النور فاضل خير نقى طيب الريح كريم النفس يسر ولا يضر وينفع ولا يمنع ويحيى ولا يبلى وجوهر الظلمة على ضد ذلك في جميع هذه الصفات ثم إن جوهر النور لم يزل يولد الأولياء وهم الملائكة لا على سبيل التناكح بل على سبيل تولد الحكمة من الحكيم والضوء من المضئ وجوهر الظلمة لم يزل يولد الأعداء وهم الشياطين على سبيل تولد السفه من السفيه لا على سبيل التناكح فهذه أقوال من جعل الملائكة أشياء متحيزة واما الثاني من أن الملائكة ذوات قائمة بأنفسها وليست بمتحيزة ولا بأجسام فههنا قولان أحدهما قول النصارى وهو ان الملائكة في الحقيقة هي الأنفس الناطقة بذاتها المفارقة لابد انها على نعت الصفاء والخبرة وذلك لأن هذه النفوس المفارقة إن كانت صافية خالصة فهى الملائكة وإن كانت خبيثة كدرة فهى الشياطين وثانيهما قول الفلاسفة وهو انها جواهر قائمة بأنفسها ليست بمتحيزة وانها بالمهية مخالفة لأنواع النفوس الناطقة البشرية وانها أكمل قوة منها واكثر علما وانها للنفوس البشرية جارية مجرى الشمس بالنسبة إلى الأضواء ثم إن هذه الجواهر على قسمين منها ما هي بالنسبة إلى اجرام الأفلاك والكواكب كالنفوس الناطقة بالنسبة إلى أبداننا ومنها ما هي أعلى شانا من تدبير اجرام الأفلاك
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»