شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ١ - الصفحة ٢٥٥
شر بالذات فبطلت هذه القاعدة الكلية ان كل ما هو شر بالذات فهو أمر عدمي فهذا ما ذكره العلامة الدواني في حاشية التجريد ولم يتيسر له دفعه ولذا قال والتحقيق انهم ان أرادوا ان منشأ الشرية هو العدم فلا يرد هذا النقض عليهم وان أرادوا ان الشر بالذات هو العدم وما عداه انما توصف به بالغرض حتى لا يكون بالحقيقة الا شرية واحدة هي صفة العدم بالذات وينسب إلى غيره بالتوسط كما هو شأن الاتصاف بالعرض فهو وارد فافهم انتهى كلام المحقق الدواني قال س وأقول في دفعه ان مقصودهم هو الثاني والايراد مدفوع منهم بان الألم ادراك المنافى العدمي كتفرق الاتصال ونحوه بالعلم الحضوري وهو الذي يكون العلم فيه هو المعلوم بعينه لا صورة أخرى حاصلة منه فيه فليس في الألم امران أحدهما مثل التفرق والقطع وفساد المزاج والثاني صورة حاصلة منه عند المتألم لأجلها بل حضور ذلك المنافى العدمي هو الألم بعينه فهو وإن كان نوعا من الادراك لكنه من افراد العدم فيكون شرا بالذات فهو وإن كان نحوا من العدم لكن له ثبوت على نحو ثبوت اعدام الملكات كالعمى والسكون والفقر والنقص والامكان والقوة ونظايرها وقد علمت أن وجود كل شئ عين مهيته فوجود العدم عين ذلك العدم كما أن وجود الانسان عين الانسان ووجود الفلك عين الفلك وعلمت أيضا ان العلم بكل شئ عين المعلوم منه بالذات فههنا الوجود عين التفرق أو الانقطاع أو الفساد الذي هو عدمي والإدراك المتعلق به عين ذلك الوجود الذي هو نفس الامر العدمي فقد ثبت ان الألم الذي هو الشر بالذات من افراد العدم ولا شك ان العدم الذي يقال إنه شر هو العدم الحاصل لشئ لا العدم مطلقا كما أشرنا إليه سابقا فاذن لا يرد نقض على قاعدة الحكماء ان كلما هو شر بالذات فهو من افراد العدم البتة والذي يزيدك ايضاحا لهذا المقام من أن الآلام والأوجاع من جملة الاعدام ان النفس قد أشرنا إلى أن قوتها سارية في البدن وانها هي التي تشعر وتحس بأنواع المحسوسات فهى بعينها الجوهر اللامس الذائق الشام وهي عين الصورة الطبيعية الاتصالية المزاجية وكلما يرد على البدن من الأحوال وجوديا كان أو عدميا فالنفس ينفعل منه ويناله بالحقيقة ويتأثر منه لأجل قواها السارية في البدن فتفرق الاتصال الوارد على الجسم لا شك انه شر للجسم لأنه زوال اتصاله وعدم كماله فلو كان الجسم موجودا حيا عند انفصاله شاعرا بتفرق اتصاله كان له غاية الشرية
(٢٥٥)
مفاتيح البحث: الشام (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»