الصوري وطلاب الجمال السرمدي قاطبة حيث إن أهل السلوك في كلامه ما عدا الأنبياء والأولياء مع أنه خلاف المشهور ليس أولي من تعميم المقربين بل هذا أولي لانهم أيضا من أهل القرب وان فضل بعضهم على بعض لان جميعهم عشاق جماله وطلاب وصاله وليسوا قاصري الهمم على محبة الحور والقصور واما مراتب السير فلنشر إليها لتكون على بصيرة فنقول قال العارف الكامل كمال الدين عبد الرزاق الكاشاني المحقق لاصطلاح العرفاء الاسفار أربعة الأول هو السير إلى الله من منازل النفس إلى الوصول إلى الأفق المبين وهو نهاية مقام القلب ومبدء التجليات الأسمائية والثاني هو السير في الله بالاتصاف بصفاته والتحقق بأسمائه إلى الأفق الاعلى ونهاية الحضرة الواحدية والثالث هو الترقي إلى عين الجمع والحضرة الأحدية وهو مقام قاب قوسين الاثنينية فإذا ارتفعت فهو مقام أو أدنى وهو نهاية الولاية والرابع هو السير بالله عن الله للتكميل وهو مقام البقاء بعد الفناء والفرق بعد الجمع انتهى يا أنيس المريدين يا حبيب التوابين يا رازق المقلين رجل مقل أي فقير يا رجاء المذنبين يا قرة عين العابدين قال بعض أهل اللغة حقيقة أقر الله عينه برد الله دمع عينه لان دمعة الفرح والسرور باردة وقال بعضهم معناه بلغه أمنيته حتى ترضى نفسه وتسكن فلا تستشرف إلى غيره فعلى القول الأول كان من القر بالضم بمعنى البرد وعلى القول الثاني كان من قر بالمكان يقر بالفتح والكسر قرارا وقرورا وقرا وتقرة أي ثبت وسكن لكن على هذا القول ينبغي ان يكون قرة العين بفتح القاف مع أن في القران قرة عين لي ولك بالضم ثم ليس المراد بالعابدين الاجراء الذين تقر أعينهم بغيره وتطمئن قلوبهم بما سواه بل ليست عباداتهم الا أمثلة العبادات كما عرفت انما المراد العابدون الذين هم عبيده بالحقيقة فان العرفاء ثلثوا القسمة وقالوا العبادة للعامة وهو التذلل لله تعالى والعبودية للخاصة الذين صححوا النسبة إليه تعالى بصدق القصد إليه في سلوك طريقه والعبودة لخاصة الخاصة الذين شهدوا نفوسهم قائمة بالحق في عبودتهم فهم يعبدونه في مقام أحدية الجمع والفرق ثم على المعنى الأول لقرة العين معناه هنا انه تعالى برد البهجة لعين العبيد من العابدين كما أنه برد اليقين لبصاير قلوبهم فحيث تأجج أفئدتهم بنار نور التجلي وناولهم ساقي المحبة الكاس الزنجبيلي من راح عشق الجمال الذي كان مزاجها هيبة الجلال وكما قال يسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا مزجها
(٢٠٠)