شرح الأسماء الحسنى - الملا هادى السبزواري - ج ١ - الصفحة ١٩٧
من الادراكين إذا تخلل بينهما عدم يناسب اطلاق العارف على من ذكر لان العارف شهده تعالى في معهد الست بربكم ثم تخلل الذهول عنه ونقص ميثاقه برده إلى أسفل السافلين ثم شمله العناية على وفق السابقة الأزلية وأشهده الله تعالى ذاته وصفاته وافعاله بتذكر العهد الأول وان مقتضى فطرته الأولية النور والوصل وخاصية فطرته الثانية الظلمة والفصل فيقصد النور الفطري ويتوجه إلى المحبوب الأول بعد الهجران ويرفض الظلمة ويقطع عنها بتذكر عهد الأزل بعد النسيان وانما كان الحق تعالى سرور العارفين لأنه ليس سرورهم كالاجراء من العابدين بجنة النعيم بل كل ابتهاجهم بوجهه الكريم فليس لهم هم الا هم وصاله ولو فرحوا بشئ فهو من حيث إنه مراة جماله ان قلت كيف يكون هو تعالى سرورا وهو كيفية قائمة بالنفس قلت له جوابان تقريبي وتحقيقي إما التقريبي فهو انه من باب اطلاق اسم المسبب على السبب وهو إحدى العلاقات المشهورة للمجاز المرسل واما الحقيقي فكما مر ان العلم والقدرة مثلا حيث إن حقيقتهما الوجود الحقيقي وحقيقة الوجود مقولة بالتشكيك كانا في مرتبة كيفيتين نفسانيتين بل القدرة كيفية في القوة المنبثة في العضلات وفى مرتبة جوهرين مفارقين وفى مرتبة وجوب ذاتي فكذلك السرور في مرتبة معنى مصدري وفى مرتبة حقيقته كيفية نفسانية وفى مرتبة وجوب ومن هنا يقول الحكيم الابتهاج عين ذاته ويقول العارف إذا تم العشق هو الله أو إذا تم الفقر هو الله يا منى المحبين وفى لفظ المنى الذي من التمني إشارة إلى أن المراد بالمحبين المحبون الغير المحبوبين فلا يخلو محبتهم عن شوب ألم فقد وحزن فراق بخلاف الاسم الشريف السابق وبخلاف المحبين المحبوبين الذين سمى سيد هم وخاتمهم بحبيب الله قال في المجلى اعلم أن السلوك سلوكان سلوك المحبوبية وسلوك المحبية والأول هو ان يكون وصول السالك إلى الله سابقا على سلوكه بمعنى ان يكون وصوله إلى الله تعالى بغير سلوك ومجاهدة ورياضة بزهد وتقوى وأمثالها واحتياج إلى مرشد ومعلم بل بمحض العناية الأزلية والهداية الحقيقية الأولية المشار إليهم بقوله تعالى الذين سبقت لهم منا الحسنى والثاني هو ان يكون وصول السالك إلى الله تعالى موقوفا على سلوكه إليه وقربه منه مشروطا بمجاهدته ورياضته بزهده وتقواه بمرشد وشيخ ومعلم المشار إليهم بقوله تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا فالطايفة الأولى هم المحبوبون من الأنبياء والأولياء والتابعين لهم على
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»