قدم الصدق والاخلاص التام فإنهم وصلوا إلى الله تعالى من غير عمل سابق وسبب لاحق بل بمحض العناية وكمال المحبة وهؤلاء هم الأبرار المقربون الذين شربوا من شراب المحبة والشوق وبكاس العشق والعناية والإرادة الذاتية قبل ان يخلق العالم وما فيه واليهم أشار بقوله تعالى وسقاهم ربهم شرابا طهورا وفيهم قال أمير المؤمنين (ع) ان الله تعالى شرابا لأوليائه إذا شربوا سكروا وإذا سكروا طابوا وإذا طابوا ذابوا وإذا ذابوا خلصوا وإذا خلصوا طلبوا وإذا طلبوا وجدوا وإذا وجدوا وصلوا وإذا وصلوا اتصلوا وإذا اتصلوا لا فرق بينهم وبين حبيبهم وهو إشارة إلى شراب المحبة بكأس الشوق والإرادة في عالم الأرواح قبل الأجساد حتى لا يبقى بينهم وبينه مغايرة ولا من ايناتهم بقية ويكون المحبة والمحب والمحبوب شيئا واحدا كما قيل إذا تم الفقر فهو الله وفيه قيل إن المحبة للرحمن اسكرني فهل رأيت محبا غير سكران وليس هذا هو السكر المذموم أعني الموجب للمحب والسالك الهتك والشطح والدعوى بل السكر المحمود المخصوص بالكامل المكمل الموجب للمشاهدة والذوق والتحير في جمال المعشوق المعبر عنه بالسير في الله دون السير لله وبالله فإنهما منقطعان غير باقيين بدون الأول وحيث إن موسى (ع) كان في مقام الثاني وسكر السلوك بالله قال إن هي الا فتنتك وقال أتهلكنا بما فعل السفهاء منا وحيث كان نبينا صلى الله عليه وآله في المقام الأول وسكر السير في الله قال اللهم زدني فيك تحيرا وكذلك الشيخ أبو الحسن الخرقاني حيث كان في المقام الثاني وسكر السلوك قال لو شربت قطرة أخرى لذهلت عن الوجود والشيخ أبو يزيد الشامي حيث كان في المقام الأول وسكر الوصول قال شربت الحب كأسا بعد كأس * فما نفد الشراب ولا رويت واما الطايفة الثانية الذين هم المحبون فسلوكهم مقدم على وصولهم بحكم المتابعة من القيام بمقام الشريعة والطريقة وما يتعلق بهما من الرياضة والمجاهدة بالزهد والتقوى بمساعدة الشيخ المرشد ثم بعد كلام فرع ان الطوايف ثلث المحبوبون وهم الأنبياء والأولياء عليهم السلام والمحبون الطالبون وهم أهل السلوك والاجتهاد في سبيل الله والضالون المضلون وهم الذين حرموا عن الوصول من أهل الكفر والشرك وقد أشار الكتاب الكريم بقوله وكنتم أزواجا ثلثه فأصحاب الميمنه ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون
(١٩٨)