ولا يفر عنه، ولا يخذله حتى يقتلوني وأخي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وأمرني أن أسير إليهم أبا بكر في أربعة آلاف فارس فخذوا في أمركم واستعدوا لعدوكم وانهضوا إليهم على اسم الله وبركته يوم الاثنين إن شاء الله، فأخذ المسلمون عدتهم وتهيؤوا، وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بكر بأمره، وكان فيما أمره به أنه إذا رآهم أن يعرض عليهم الإسلام فإن تابعوا وإلا واقعهم - أي حاربهم - وقتل مقاتليهم، وسبى ذراريهم، واستباح أموالهم، وخرب ضياعهم وديارهم، فمضى أبو بكر (1) ومن معه من المهاجرين والأنصار في أحسن عدة وأحسن هيأة، يسير بهم سيرا رفيقا حتى انتهوا إلى أهل وادي اليابس، فلما بلغ القوم نزول القوم عليهم، ونزل أبو بكر وأصحابه قريبا منهم، خرج إليهم من أهل وادي اليابس ماءتا رجل مدججين (2) بالسلاح، فلما صادفوهم قالوا لهم: من أنتم؟ ومن أين أقبلتم؟ وأين تريدون؟ ليخرج إلينا صاحبكم حتى نكلمه فخرج إليهم أبو بكر في نفر من أصحابه المسلمين فقال لهم: أنا أبو بكر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قالوا: ما أقدمك علينا؟ قال: أمرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن أعرض عليكم الإسلام، وأن تدخلوا فيما دخل فيه المسلمون، ولكم ما لهم وعليكم ما عليهم، وإلا فالحرب بيننا وبينكم قالوا له: أما واللات والعزى لولا رحم ماسة، وقرابة قريبة لقتلناك وجميع أصحابك قتلة تكون حديثا لمن يكون بعدكم، فارجع أنت ومن معك وارتجوا العافية، فإنا إنما نريد صاحبكم بعينه وأخاه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال أبو بكر لأصحابه: يا قوم، القوم أكثر منكم أضعافا، وأعد منكم، وقد نأت داركم عن إخوانكم من المسلمين، فارجعوا نعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بحال القوم، فقالوا له جميعا: خالفت يا أبا بكر قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما أمرك به، فاتق الله وواقع القوم ولا تخالف قول رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: إني أعلم ما لا تعلمون، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فانصرف وانصرف الناس أجمعون فأخبر النبي (صلى الله عليه وآله) بمقالة القوم له وما رد عليهم أبو بكر، فقال: رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبا بكر خالفت أمري ولم تفعل ما أمرتك، وكنت لي والله عاصيا فيما أمرتك، فقام النبي (صلى الله عليه وآله) وصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا معشر
(٥٣٦)