التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٩٢
أيدي سبأ.
* (ومزقناهم كل ممزق) *: وفرقناهم غاية التفريق حتى لحق غسان، منهم بالشام، وأنمار بيثرب، وجذام بتهامة، والأزد بعمان.
* (إن في ذلك) *: فيما ذكر.
* (لآيات لكل صبار) *: عن المعاصي.
* (شكور) *: على النعم، في الكافي: عن الصادق (عليه السلام) إنه سئل عن هذه الآية، فقال:
هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض، وأنهار جارية، وأموال ظاهرة، فكفروا نعم الله عز وجل، وغيروا ما بأنفسهم من عافية الله، فغير الله ما بهم من نعمة " وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " (1) فأرسل الله عليهم سيل العرم، فغرق قراهم، وخرب ديارهم، وذهب بأموالهم وأبدلهم مكان جنتيهم جنتين ذواتي اكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل (2).
وفي الإحتجاج: عن الباقر (عليه السلام) في حديث الحسن البصري في هذه الآية، قال (عليه السلام): بل فينا ضرب الله الأمثال في القرآن، فنحن القرى التي بارك الله فيها، وذلك قول الله عز وجل فيمن أقر بفضلنا حيث أمرهم أن يأتونا فقال: " وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها " أي جعلنا بينهم وبين شيعتهم القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة، والقرى الظاهرة: الرسل والنقلة عنا إلى شيعتنا وفقهاء شيعتنا، وقوله سبحانه: " وقدرنا فيها السير " والسير مثل للعلم سيروا به ليالي وأياما مثل لما يسير من العلم في الليالي والأيام عنا إليهم في الحلال والحرام والفرائض والأحكام، آمنين فيها إذا أخذوا عن معدنها الذي أمروا أن يأخذوا منه آمنين من الشك والضلال، والنقلة من الحرام إلى الحلال (3).

١ - الرعد: ١١.
٢ - الكافي: ج ٨، ص 395، ح 596.
3 - الإحتجاج: ج 2، ص 63، احتجاج الباقر (عليه السلام) على الحسن البصري. وإليك صدر الحديث: عن أبي حمزة الثمالي: قال: أتى الحسن البصري أبا جعفر (عليه السلام) فقال: جئتك لأسألك عن أشياء من كتاب الله، فقال أبو جعفر: ألست فقيه أهل البصرة؟ قال: قد يقال ذلك، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): هل بالبصرة أحد تأخذ عنه؟ قال: لا، قال: فجميع أهل البصرة يأخذون عنك؟ قال: نعم، فقال أبو جعفر (عليه السلام): سبحان الله لقد تقلدت عظيما من الأمر، بلغني عنك أمر فما أدري أكذاك أنت أم يكذب عليك، قال: ما هو؟ قال: زعموا أنك تقول: إن الله خلق العباد ففوض إليهم أمورهم، قال: فسكت الحسن، فقال: رأيت من قال الله له في كتابه: أنك آمن هل عليه خوف بعد هذا القول منه، فقال الحسن: لا، فقال أبو جعفر (عليه السلام): إني أعرض عليك آية وأنهي إليك خطابا، ولا أحسبك إلا وقد فسرته على غير وجهه فإن كنت فعلت ذلك فقد هلكت وأهلكت، فقال له: ما هو؟ قال: أرأيت حيث يقول: " وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين "، يا حسن بلغني أنك أفتيت الناس فقلت: هي مكة، فقال أبو جعفر (عليه السلام): فهل يقطع على من حج مكة، وهل يخاف أهل مكة، وهل تذهب أموالهم؟ قال: بلى، قال: فمتى يكونون آمنين. إلى آخر الحديث الموجود في المتن.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»