التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٨٧
لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور 15 عصاه وهو ميت ما شاء الله والناس ينظرون إليه، وهم يقدرون أنه حي فافتتنوا فيه واختلفوا، فمنهم من قال: قد بقى سليمان (عليه السلام) متكئا على عصاه هذه الأيام الكثيرة ولم يتعب ولم ينم ولم يأكل ولم يشرب إنه لربنا الذي يجب علينا أن نعبده. وقال قوم: إن سليمان ساحر وأنه يرينا أنه واقف متكئ على عصاه يسحر أعيننا وليس كذلك.
فقال المؤمنون: إن سليمان هو عبد الله ونبيه، يدبر الله أمره بما يشاء، فلما اختلفوا بعث الله عز وجل الأرضة فدبت في عصاه، فلما أكلت جوفه انكسرت العصا، وخر سليمان من قصره على وجهه، فشكرت الجن للأرضة صنيعها، فلأجل ذلك لا توجد الأرضة في مكان إلا وعندها ماء وطين، وذلك قول الله عز وجل: " فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته "، يعني عصاه " فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا " الآية.
ثم قال الصادق (عليه السلام): والله ما نزلت هذه الآية هكذا، وإنما نزلت: " فلما خر تبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين " (1).
وفي الإحتجاج: عن الصادق (عليه السلام) أنه سئل كيف صعدت الشياطين إلى السماء وهم أمثال الناس في الخلقة والكثافة وقد كانوا يبنون لسليمان بن داود (عليهما السلام) من البناء ما يعجز عنه ولد آدم؟ قال: غلظوا لسليمان كما سخروا وهم خلق رقيق غذاهم التنسم، والدليل على ذلك صعودهم إلى السماء لاستراق السمع ولا يقدر الجسم الكثيف على الإرتقاء إليها إلا بسلم أو بسبب (2).
في الإكمال: عن النبي (صلى الله عليه وآله) عاش سليمان بن داود سبعمائة سنة واثنتي عشرة سنة (3).
* (لقد كان لسبأ) *: لأولاد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

1 - علل الشرائع: ص 73 - 74، ح 2، باب 64 - العلة التي من أجلها صار عند الأرضة حيث كانت ماء وطين.
2 - الإحتجاج: ج 2، ص 81، احتجاج الإمام الصادق (عليه السلام) على الزنديق.
3 - إكمال الدين وإتمام النعمة: ص 523 - 524، ح 3، باب 46 - ما جاء في التعمير.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»