ليعذب الله المنفقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما 73 ثوبا فيطلب له في السوق فيكون عنده مثل ما يجد له في السوق فيعطيه من عنده قال: لا يقربن هذا ولا يدنس نفسه إن الله عز وجل يقول: " إنا عرضنا الأمانة " الآية قال: وإن كان عنده خير مما يجد له في السوق فلا يعطيه من عنده (1).
أقول: لا منافاة بين هذه الأخبار حيث خصصت الأمانة تارة بالولاية، والأخرى بما يعم كل أمانة وتكليف، لما عرفت في مقدمات الكتاب من جواز تعميم اللفظ بحيث يشمل المعاني المحتملة كلها بإرادة الحقائق تارة، والتخصيص بواحد واحد أخرى.
ثم أقول: ما يقال: في تأويل هذه الآية في مقام التعميم: أن المراد بالأمانة: التكليف بالعبودية لله على وجهها، والتقرب بها إلى الله سبحانه كما ينبغي لكل عبد بحسب استعداده لها وأعظمها الخلافة الإلهية لأهلها، ثم تسليم من لم يكن من أهلها لأهلها، وعدم ادعاء منزلتها لنفسه، ثم سائر التكاليف. والمراد بعرضها على السماوات والأرض والجبال: النظر إلى استعدادهن لذلك، وبإبائهن: الإباء الطبيعي الذي هو عبارة عن عدم اللياقة لها، وبحمل الإنسان إياها من غير استحقاق تكبرا على أهلها أو مع تقصيره بحسب وسعه في أدائها، وبكونه ظلوما جهولا: ما غلب عليه من القوة الغضبية والشهوية، وهو وصف للجنس باعتبار الأغلب، فهذه حقائق معانيها الكلية، وكل ما ورد في تأويلها في مقام التخصيص يرجع إلى هذه الحقائق كما يظهر عند التدبر والتوفيق من الله (2).
* (ليعذب الله المنفقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب