التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٨٦
في مكان إلا وعندها ماء وطين (1).
والقمي: قال: لما أوحى الله إلى سليمان أنك ميت أمر الشياطين أن تتخذ له بيتا من قوارير، ووضعوه في لجة البحر، ودخله سليمان فاتكأ على عصاه وكان يقرأ الزبور والشياطين حوله ينظرون إليه، ولا يجسرون أن يبرحوا فبينا هو كذلك إذ حانت منه التفاتة ثم ذكر كالحديث السابق، ثم قال: فلما خر على وجهه تبينت الإنس أن الجن: " لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين " فهكذا نزلت هذه الآية، وذلك أن الإنس كانوا يقولون: إن الجن يعلمون الغيب، فلما سقط سليمان (عليه السلام) على وجهه علموا أن لو يعلم الجن الغيب لم يعملوا سنة لسليمان (عليه السلام) وهو ميت ويتوهمونه حيا (2).
وفي العيون (3)، والعلل: عن الرضا، عن أبيه، عن أبيه (عليهم السلام) إن سليمان بن داود (عليهما السلام) قال ذات يوم لأصحابه: إن الله تعالى وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي، سخر لي الريح، والإنس، والجن، والطير، والوحوش، وعلمني منطق الطير وآتاني من كل شئ، ومع جميع ما أوتيت من الملك ما تم لي سرور يوم إلى الليل، وقد أحببت أن أدخل قصري في غد فأصعد أعلاه وأنظر إلى ممالكي ولا تأذنوا لأحد علي لئلا يرد علي ما ينغص (4) علي يومي، قالوا: نعم، فلما كان من الغد أخذ عصاه بيده وصعد إلى أعلى موضع من قصره، ووقف متكئا على عصاه ينظر إلى ممالكه مسرورا بما أوتي فرحا بما أعطي، إذ نظر إلى شاب حسن الوجه، واللباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره، فلما بصر به سليمان (عليه السلام) قال له: من أدخلك إلى هذا القصر وقد أردت أن أخلو فيه اليوم، فبإذن من دخلت؟ قال الشاب: أدخلني هذا القصر ربه وبإذنه دخلت، فقال: ربه أحق به مني، فمن أنت؟ قال: أنا ملك الموت، قال: وفيما جئت؟ قال: جئت لأقبض روحك، قال: امض لما أمرت به فهذا يوم سروري وأبى الله عز وجل أن يكون لي سرور دون لقائه، فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على عصاه، فبقي سليمان متكئا على

١ - علل الشرائع: ص ٧٤، ح ٣، باب ٦٤ - العلة التي من أجلها صار عند الأرضة حيث كانت ماء وطين.
٢ - تفسير القمي: ج ٢، ص ١٩٩، س ٢٠.
٣ - عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج ١، ص ٢٦٥ - ٢٦٦ ح ٢٤، باب ٢٦ - ما جاء عن الرضا (عليه السلام) من الأخبار النادرة في فنون شتى.
٤ - نغص عليه العيش تنغيصا: كدره، وتنغصت معيشته: تكدرت. مجمع البحرين: ج ٤، ص 186، مادة " نغص ".
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»