التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٤٩٣
ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما 2 المؤمنين (عليه السلام) ما حاربناك، ولكن اكتب: هذا ما اصطلح عليه علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): صدق الله وصدق رسوله، أخبرني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك، قال:
فلما كتبوا الكتاب قامت خزاعة فقالت: نحن في عهد محمد رسول الله وعقده، وقامت بنو بكر فقالت: نحن في عهد قريش وعقدها، وكتبوا نسختين، نسخة عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونسخة عند سهيل بن عمرو، ورجع سهيل بن عمرو، وحفص بن الأحنف إلى قريش فأخبروهم، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأصحابه: انحروا بدنكم واحلقوا رؤوسكم، فامتنعوا، وقالوا: كيف ننحر ونحلق ولم نطف بالبيت، ولم نسع بين الصفا والمروة؟ فاغتم لذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشكا ذلك إلى أم سلمة، فقالت: يا رسول الله انحر أنت واحلق. فنحر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحلق، فنحر القوم على حيث يقين وشك وارتياب، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) تعظيما للبدن: رحم الله المحلقين، وقال قوم لم يسوقوا البدن: يا رسول الله والمقصرين لأن من لم يسق هديا لم يجب عليه الحلق، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثانيا: رحم الله المحلقين الذين لم يسوقوا الهدي، فقالوا: يا رسول الله والمقصرين، فقال:
رحم الله المقصرين، ثم رحل رسول الله (صلى الله عليه وآله) نحو المدينة فرجع إلى التنعيم ونزل تحت الشجرة فجاء أصحابه الذين أنكروا عليه الصلح، واعتذروا وأظهروا الندامة على ما كان منهم، وسألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يستغفر لهم، فنزلت آية الرضوان (1).
أقول: هذه القصة مذكورة في روضة الكافي عن الصادق (عليه السلام) بزيادة ونقصان، من أرادها رجع إليه (2).
* (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) *: علة للفتح من حيث أنه مسبب عن جهاد الكفار، والسعي في إزاحة الشرك، وإعلاء الدين، وتكميل النفوس الناقصة قهرا ليصير ذلك بالتدريج اختيارا، وتخليص الضعفة عن أيد الظلمة.

١ - تفسير القمي: ج ٢، ص ٣٠٩ - ٣١٤. ٢ - الكافي: ج ٨، ص 322 - 327، ح 503، صلح الحديبية.
(٤٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 487 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 ... » »»