التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٤٩١
وافوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قالوا: يا محمد ألا ترجع عنا عامك هذا إلى أن ننظر إلى ما يصير أمرك وأمر العرب، فإن العرب قد تسامعت بمسيرك فإذا دخلت بلادنا وحرمنا استذلتنا العرب واجترأت علينا ونخلي لك البيت في العام القابل في هذا الشهر ثلاثة أيام حتى تقضي نسكك وتنصرف عنا، فأجابهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى ذلك، وقالوا له: ترد إلينا كل من جاءك من رجالنا ولا نرد إليك كل من جاءنا من رجالك؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من جاءكم من رجالنا فلا حاجة لنا فيه، ولكن على أن المسلمين بمكة لا يؤذون في إظهارهم الإسلام ولا يكرهون ولا ينكر عليهم شئ يفعلونه من شرائع الإسلام، فقبلوا ذلك، فلما أجابهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الصلح أنكر عامة أصحابه وأشد ما كان انكارا عمر، فقال: يا رسول الله ألسنا على الحق وعدونا على الباطل، فقال: نعم، قال: فنعطي الذلة في ديننا، فقال: إن الله عز وجل قد وعدني ولن يخلفني، قال: ولو أن معي أربعين رجلا لخالفته، ورجع سهيل بن عمرو، وحفص بن الأحنف إلى قريش فأخبراهم بالصلح، فقال عمر: يا رسول الله ألم تقل لنا أن ندخل المسجد الحرام ونحلق مع المحلقين، فقال: أمن عامنا هذا وعدتك، قلت لك إن الله عز وجل قد وعدني أن أفتح مكة وأطوف وأسعى واحلق مع المحلقين، فلما أكثروا عليه، قال لهم: إن لم تقبلوا الصلح فحاربوهم، فمروا نحو قريش وهم مستعدون للحرب، وحملوا عليهم فانهزم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) هزيمة قبيحة، ومروا برسول الله (صلى الله عليه وآله) فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم قال: يا علي خذ السيف واستقبل قريشا. فأخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) سيفه وحمل على قريش، فلما نظروا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) تراجعوا، ثم قالوا: يا علي بدا لمحمد (صلى الله عليه وآله) فيما أعطانا، فقال: لا، وتراجع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) مستحيين، وأقبلوا يعتذرون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله):
ألستم أصحابي يوم بدر إذ أنزل الله عز وجل فيكم: " إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم إني ممدكم بألف من الملائكة مردفين " (1)، ألستم أصحابي يوم أحد " إذ تصعدون ولا تلون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم " (2)، ألستم أصحابي يوم كذا، ألستم أصحابي يوم كذا، فاعتذروا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وندموا على ما كان منهم، وقالوا: الله أعلم ورسوله فاصنع ما بدا لك، ورجع حفص بن الأحنف، وسهيل بن عمرو إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالا: يا محمد قد أجابت

(٤٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 485 486 487 489 490 491 492 493 494 495 496 ... » »»