الصلاة " (1) الآية، وهذه الآية في سورة النساء، وقد كتبنا خبر صلاة الخوف فيها (2)، فلما كان في اليوم الثاني نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحديبية (3) وهي على طرف الحرم، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يستنفر الأعراب في طريقه معه فلم يتبعه أحد، ويقولون: أيطمع محمد وأصحابه أن يدخلوا الحرم وقد غزتهم قريش في عقر ديارهم فقتلوهم أنه لا يرجع محمد وأصحابه إلى المدينة أبدا، فلما نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحديبية خرجت قريش يحلفون باللات والعزى لا يدعون رسول الله (صلى الله عليه وآله) يدخل مكة، وفيهم عين تطرف فبعث إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إني لم آت لحرب وإنما جئت لأقضي مناسكي وأنحر بدني وأخلي بينكم وبين لحماتها، فبعثوا عروة بن مسعود الثقفي وكان عاقلا لبيبا وهو الذي أنزل الله فيه: " وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " (4)، فلما أقبل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عظم ذلك وقال: يا محمد تركت قومك وقد ضربوا الأبنية وأخرجوا العود (5) والمطافيل (6) يحلفون باللات والعزى لا يدعوك تدخل مكة وحرمهم وفيهم عين تطرف أفتريد أن تبير أهلك وقومك يا محمد؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
ما جئت لحرب وإنما جئت لأقضي مناسكي وأنحر بدني وأخلي بينكم وبين لحماتها، فقال عروة: والله ما رأيت كاليوم أحدا صد كما صددت، فرجع إلى قريش فأخبرهم، فقالت قريش:
والله لئن دخل محمد مكة وتسامعت به العرب لنذلن ولتجترأن علينا العرب، فبعثوا حفص بن الأحنف، وسهيل بن عمرو، فلما نظر إليهما رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ويح قريش قد نهكتهم الحرب ألا خلوا بيني وبين العرب فإن أك صادقا فإنما أجر الملك إليهم مع النبوة، وإن أك كاذبا كفتهم ذؤبان العرب لا يسألني اليوم امرء من قريش حطة (7) ليس لله فيها سخط إلا أجبتهم إليه، فلما