التفسير الصافي - الفيض الكاشاني - ج ٦ - الصفحة ٢٦٥
الله نزل أحسن الحديث كتبا متشبها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدى به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد 23 * (أولئك في ضلل مبين * الله نزل أحسن الحديث) *: يعني القرآن.
* (كتبا متشبها) *: يشبه بعضه بعضا في الإعجاز، وتجاوب النظم، وصحة المعنى، والدلالة على المنافع العامة، كذا قيل (1).
* (مثاني) *: يثنى فيه القول أي يتكرر، كذا ورد في أحد وجوه تسمية فاتحة الكتاب بها، وقد مر لها معان اخر في سورة الحجر (2) وإنما وصف الواحد بالجمع، لأن الكتاب جملة ذات تفاصيل، وإن جعل مثاني تمييزا ل‍ " متشبها " يكون المعنى متشابهة تصاريفه.
قيل: الفائدة في التكرير والتثنية: أن النفوس تنفر عن النصيحة والمواعظ فما لم يتكرر عليها عودا بعد بدء لم يرسخ فيها (3).
أقول: وهو قوله سبحانه: " ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون " (4).
* (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم) *: تنقبض وتشمئز خوفا مما فيه من الوعيد، وهو مثل في شدة الخوف.
وفي المجمع: عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تتحات عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها (5).

١ - قاله البيضاوي في تفسيره أنوار التنزيل: ج ٢، ص ٣٢١، س ٤.
٢ - ذيل الآية: ٨٧، انظر ج ٤، ص ٢٩٣ - ٢٩٤ من كتابنا تفسير الصافي.
٣ - قاله الزمخشري في تفسيره الكشاف: ج ٤، ص ١٢٣، س ٢١.
٤ - الزمر: ٢٧.
5 - مجمع البيان: ج 7 - 8، ص 495، س 27.
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»