فأبرؤوها وأنشأوها ثم جزؤ وها وفصلوها وأجروا فيها الطبائع الأربع المرتين (1) والدم والبلغم، فجالت الملائكة عليها وأجروا فيها الطبائع الأربع فالدم من ناحية الصبا والبلغم من ناحية الشمال والمرة الصفراء من ناحية الجنوب والمرة السوداء من ناحية الدبور فاستقلت النسمة وكمل البدن فلزمه من جهة الريح حب النساء وطول الأمل والحرص ومن جهة البلغم حب الطعام والشراب والبر والحلم والرفق ومن جهة المرة الغضب والسفه والشيطنة والتجبر والتمرد والعجلة ومن جهة الدم حب الفساد واللذات وركوب المحارم والشهوات.
قال أبو جعفر (عليه السلام): وجدنا هذا في كتاب أمير المؤمنين (عليه السلام) وزاد القمي في روايته فخلق الله آدم (عليه السلام) وبقي أربعين سنة مصورا وكان يمر به إبليس اللعين فيقول: لأمر ما خلقت قال العالم (عليه السلام: فقال إبليس لئن أمرني الله بالسجود لهذا عصيته قال ثم نفخ فيه الروح وبلغت دماغه عطس عطسة وجلس منها مستويا فقال الحمد لله فقال الله عز وجل يرحمك الله ربك يا آدم فقال الإمام (عليه السلام) فسبقت له من الله الرحمة.
أقول: أكثر ما تضمنه هذا الحديث قد روي في أخبار كثيرة عنهم (عليهم السلام).
وفي رواية العياشي أن الملائكة منوا على الله بعبادتهم إياه فأعرض عنهم وأنهم قالوا في سجودهم في أنفسهم ما كنا نظن أن يخلق الله خلقا أكرم عليه منا نحن خزان الله وجيرانه وأقرب الخلق إليه فلما رفعوا رؤوسهم قال الله واعلم ما تبدون من ردكم علي وما كنتم تكتمون من ظنكم أني لا أخلق خلقا أكرم علي منكم فلما عرفت الملائكة أنها وقعت في خطيئة لا ذوا بالعرش وانها كانت عصابة من الملائكة ولم يكن جميعهم. الحديث.
وعن الباقر (عليه السلام) كان ذلك تعصيا منهم فاحتجب عنهم سبع سنين